الاثنين، 19 مايو 2014

قصة السامري

قصة السامري
لسامري شخصية يهودية. وهو الذي ذكر في القرآن الكريم في سورة طه، وهو الذي أغوى بني إسرائيل بعد أن ذهب موسى إلى الله فأخرج السامري عجلا جسدا له خوار، فأضل كثيرا من بني إسرائيل، ودعا عليه موسى Ra bracket.png قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا Aya-97.png La bracket.png[1](سورة طه، الآية 97).
قصته في القرآن مع موسى وقومه[عدل]
Ra bracket.png يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى Aya-80.png La bracket.pngRa bracket.png وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى Aya-83.png قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى Aya-84.png قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ Aya-85.png فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي Aya-86.png قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ Aya-87.png فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ Aya-88.png أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا Aya-89.png La bracket.pngRa bracket.png وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي Aya-90.png قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى Aya-91.png قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا Aya-92.png أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي Aya-93.png قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي Aya-94.png قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ Aya-95.png قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي Aya-96.png قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا Aya-97.png La bracket.png[2] (سورة طه، الآيات 80 و83-97).
في زمن موسى مع قومه من بني إسرائيل وبعد أن نجاهم الله من فرعون وقومه المغرقين، شرعوا في عبور الصحراء قاصدين فلسطين، وفي طريقهم رأوا قوما عاكفين على عبادة عجل من دون الله، فقالوا لنبيهم موسى: اجعل لنا الهً مثله!، قال: إنكم قوم تجهلون، للتو أنجاكم الله عز وجل من فرعون والآن تطالبون بإله غيره!. فأنذرهم ونبههم من مغبة عبادة غير الله جل وعلا. فانطلق حتى جاء يوم الميعاد الذي وعد الله فيه موسى بأن يكلمه، وأن يعلمه، وموسى كليم الله، وقبل أن يترك بني إسرائيل في تلك الأرض ليكلم ربه عز وجل أمَّر عليهم النبي هارون أخاه ووعظهم وأوصاه، ثم ذهب ليكلم الله جل وعلا، ثلاثين يوما والتي صارت أربعين يوما. وهارون باق مع قومه من بني إسرائيل وفيهم رجل سامري، كان فيه خبث ونفاق وتظاهر بالإيمان ولكن قلبه لم يكن مؤمنا بالله جل وعلا، لما رأى الملائكة عندما أغرق فرعون، رأى فرس الملائكة فأخذ من أثره على الأرض واحتفظ به، ولما خرجوا من مصر استعاروا ذهبا من فرعون وقومه [أوزار القوم]، فجائهم السامري فقال:أين الذهب، كي أخلصكم منه، وقد حرمت عليهم الغنائم، فصهره فصار على شكل عجل ثم رمى عليه التراب من أثر الملاك، وقيل أن العجل بدأ يصدر خوارا، فقال: أتعلمون ما هذا؟ فأجابوه: لا، قال: Ra bracket.png فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ Aya-88.png La bracket.png[3] (سورة طه، الآية 88) قال: ذهب موسى ليكلم ربه، فنسي أن الإله موجود هنا!، فقال لهم هارون: اتقو الله، ماذا تفعلون، وأخذوا يطوفون حول هذا العجل، عابدين إياه من دون الله جل وعلا، قال: إن ربكم الرحمن! فاتبعوني وأطيعوا أمري، فهددوه، وكادوا أن يقتلوه، قالوا: اذهب، فإنا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى، فانتظر هارون رجوع موسى، فقال الله عز وجل لموسى: Ra bracket.png قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ Aya-85.png La bracket.png[4] (سورة طه، الآية 85) فغضب موسى لله وجعل يسرع، وكان بيده ألواح، كان فيها هدى ورحمة، لقوم يؤمنون، فرمى الألواح غضبا لله جل وعلا، فرجع إلى قومه غضبان أسفا، قال: Ra bracket.png فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي Aya-86.png La bracket.png[5] (سورة طه، الآية 86) قالوا: لم نخلف موعدك بملكنا فأوتينا أوزارا من القوم فأخذها السامري فجعل لنا العجل، وكذلك ألقى، فعرف موسى أن الذي أضلهم هو "السامري"، فذهب موسى وهو غضبان إلى أخيه هارون فقال: يا هارون! ألم أُأَمرك عليهم، ألم أقل لك أن تهديهم، قال: يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي، إنهم هددوني، وكادوا أن يقتلوني، وإني خشيت أن تقول قد فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي، فلا تشمت بي الأعداء، ثم تركه موسى، وذهب إلى السامري، فقال: Ra bracket.png قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ Aya-95.png قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي Aya-96.png La bracket.png[6] (سورة طه، الآيتين 95-96)، فاعترف، فحكم عليه: إن لك في الحياة أن لا تمس أحدا ولا يمسك أحد، وإن جزاءك عند ربك، وانظر إلى الهك الذي عبدت الناس إياه، فصهره موسى، ثم نفره في البحر، فكان عقوبة الآلاف من بني إسرائيل الموت، حكم الله عليهم أن يتوبوا إليه ويقتل بعضهم بعضا، ثم أخرجوا السيوف وقتلوا بعضهم بعضا، فأخذ يبحث عن الألواح التي رماها، فردها اليه، ففيها هدى للناس.
فموسى الذي رباه جبريل iiكافـر وموسى الذي رباه فرعون مرسل

بعض المفسرين يستدلون بهذه الأبيات حين وقوفهم عند الآيات التي فيها ذكر السامري"من سورتي الأعراف وطه "
السامري : رجل من بني إسرائيل، لأن الذِّينَ عَبَروا البحر مع موسى هم بنو إسرائيل، واسْمُه موسى، وكان رباه جبريل ـ عليه السلام ـ؛ لأنه وُلِد في العام الذي يقتل أبناء بني إسرائيل، وكان فرعون يأمر بقتلهم عامًا وباستحيائهم عامًا؛ حتى لا ينقطع نسلهم؛ لأنهم خدم للأقباط، فولد السامري في العام المشؤوم على مواليدهم الذكور، فخافت أمُّه عليه القتل، فألقته في مغارة وتركته، فأرسل الله جبريل يتعهده بالتغذية، وقيل جعل الله له في أحد أصبعيه لبنًا وفي الآخر عسلا، فتارة يمتص هذا وتارة يمتص الآخر، وكان جبريل ـ عليه السلام ـ يتعهده في الحين بعد الحين، وذلك بإذن الله؛ لأمر يريده الله وهو فتنة بني إسرائيل به.

وفي كتب أخرىيأخذون بقول ابن عباس رضي الله عنهما : كان السامري من قوم يعبدون البقر فوقع بأرض مصر فدخل في دين بني إسرائيل بظاهره وفي قلبه ما فيه من عبادة البقر وقيل : كان رجلا من القبط وكان جارا لموسى آمن به وخرج معه وقيل : كان عظيما من عظماء بني إسرائيل من قبيلة تعرف بالسامرة وهم معروفون بالشام قال سعيد بن جبير : كان من أهل كرمان.
بل وجدت خلال بحثي في الشبكة بعض المعاصرين، من يربط بينه وبين المسيح الدجال مستدلين بالإسرائيليات و محتجين بقوله تعالى في سورة طه http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gifقَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gifوأقوال أخرى غيرها
الحمد الله ولا وحول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد..

فموسى الذي رباه جبريل عليه الصلاة والسلام هو موسى بن ظفر السامري، نسبة إلى قرية تدعى سامرة وقيل قبيلة من بنى إسرائيل، قال ابن عباس رضي الله عنهما – كما في تفسير القرطبي - : كان السامري من قوم يعبدون البقر، فوقع بأرض مصر فدخل في دين بني إسرائيل بظاهره، وفي قلبه ما فيه من عبادة البقر- فكان هو الذي أضل بنى إسرائيل في حادثة العجل المذكورة في قوله تعالى:
"وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى*قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى*قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ*فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي*قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ*‏ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ*أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً*وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي*قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى*قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا*أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي*قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي*قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ*قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي*قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً" (طه:83-97)

وهذا السامري: ولد عام قتل الأبناء، فلقد أمر فرعون بذبح أطفال بنى إسرائيل فكانت الأمهات يلدن الأطفال في الحفر ويتركنهم فتتولى الملائكة تربيتهم، فموسى السامري هذا أخفته أمه في كهف جبل فغذاه جبريل فعرفه لذلك؛ فأخذ - حين عبر البحر على فرس وديق ليتقدم فرعون في البحر – أي السامري هذا قبضة من أثر حافر الفرس. وهو معنى قوله: "فقبضت قبضة من أثر الرسول" (طه: 96). وقال لبني إسرائيل إن معكم حليا من حلي آل فرعون، وكان لهم عيد يتزينون فيه ويستعيرون من القبط الحلي فاستعاروا لذلك اليوم؛ فلما أخرجهم الله من مصر وغرق القبط بقي ذلك الحلي في أيديهم. فقال لهم السامري إنه حرام عليكم، فهاتوا ما عندكم فنحرقه. وقد سمع قولهم "اجعل لنا إلها كما لهم آلهة" (الأعراف: 138). فألقى تلك القبضة من التراب في النار على الحلي فصار عجلا له خوار؛ فخار خورة واحدة ولم يثن ثم قال للقوم: "هذا إلهكم وإله موسى فنسي" (طه: 88) فتعالوا نعبد هذا العجل. وذلك لما أبطأ موسى في العشر الزائد على الثلاثين وقد مضت.

وعند الحافظ ابن كثير في تفسيره لهذه الآيات من سورة طه " عن ابن عباس، أن هارون مر بالسامري وهو ينحت العجل، فقال له: ما تصنع؟ فقال: اصنع ما يضر ولا ينفع، فقال هارون: اللهم أعطه ما سألك على ما في نفسه، ومضى هارون وقال السامري: اللهم إني أسألك أن يخور، فخار، فكان إذا خار سجدوا له، وإذا خار رفعوا رؤوسهم"
ولقد عكفوا علي عبادة هذا العجل وأحبوه حباً لم يحبوا شيئاً قط مثله ،وأبان اللّه تعالى سخافة عقولهم وتفاهة تفكيرهم وفضحهم على رؤوس الأشهاد تقريعاً لهم وبيانا لضلالهم فيما ذهبوا إليه بهذا السؤال التقريعي التوبيخيي أفلا يرون أن هذا العجل، لا يجيبهم إذا سألوه، ولا إذا خاطبوه، ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً، في دنياهم ولا في أخراهم، قال ابن عباس: لا واللّه ما كان خواره إلا أن يدخل الريح في دبره فيخرج من فمه فيسمع له صوت.

وليس في تغذية وتربية جبريل لموسى السامري غرابة ولا عجب مع كون مآله إلى الكفر فإن الله تعالى يرزق بل يخلق كل الخلق فمنهم المؤمن ومنهم الكافر كما قال تعالى:" هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"  (التغابن:2) خلقهم ويعبدون غيره يرزقهم ويشكرون غيره " اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُونَ" (الروم:40) ، وقال تعالى:" هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ". (فاطر:3)
وقال تعالى:" وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ" (الواقعة:28)
وقال تعالى :" أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ*أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ"  (الملك:20-21)
وفي الحديث " قال الله تعالى: إني والجن والإنس في نبأ عظيم: أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري؟! ـ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء.رضي الله عنه.
كثيرون الذي خلقهم الله تعالى ويرزقهم ولكنهم لا يرجون لله وقارا فمنهم من ينسبه - حاشاه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا- إلى الفقر والبخل.
"وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"
"وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ
يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ*اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً
لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ"
وقال تعالى:" لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ" (آل عمران:181)
وقس على هذا الكثير والكثير ولا يقدح هذا في وجوب إفراده تعالى بالعبودية والإقرار له بالألوهية فله الخلق والأمر ثم إنه تعالى خلق الخلق وكلفهم بالتكاليف اختبارا وابتلاء
ثم إنه تعالى يمهل ولا يهمل:" وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُون" (النحل:61)
" وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً" (فاطر:45)
هذا الأجل إلى الآخرة حيث يحول الله تعالى فيها بين أعدائه وبين رحمته ولا يكون لهم فيها إلا العذاب الأليم.
ثم إن موسى الذي رباه فرعون اختاره الله وصنعه على عينه " ثم جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى*وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي"  (طه:40-41)
:" وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي"  (طه: 39)
إنه اختيار الله :" اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ"  (الأنعام:124)
:" اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير" (الحج:75) وقد قدر تعالى أن يتربي موسي الرسول عليه السلام في حجر فرعون لحكمة يعلمها الله تعالى ولله في خلقه شؤون  .

والله أعلم.
في قصة السامري لماذا كان السامري هو الوحيد الذي راى الرسول؟
ولماذا قام النبي موسى عليه السلام بمعاقبة أخيه ولم يُعاقب السامري او يقتله على فعله عندما قام بصناعة العجل من الذهب؟

الجواب:
ليس في القرآن الكريم ما يدلُّ دلالة بيِّنة على انَّ السامري هو وحده الذي رأى الرسول (جبرئيل) والمذكور في القرآن هو انَّ موسى (ع) حينما سأل السامري موبِّخاً له: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ﴾(1) أجابه متذرِّعاً ومبرِّراً لما فعله من تضليل بني إسرائيل: ﴿قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِه فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُول﴾(2) فهو مَن يدَّعي انَّه أبصر مالم يُبصره غيره، فلعلَّه كان كاذباً أو لعلَّه كان واهماً معتقداً خلاف الواقع انَّ غيره لم يُبصر ما أبصره هو، والقرآن لم يُثبت دعواه انَّ غيره لم يُبصر ما كان قد أبصره كما انَّه لم ينفِ ذلك بل سكت عنه، وعليه فلا طريق للتثبُّت من صدق دعوى السامري انَّ غيره لم يُبصر ما أبصره هو هذا لو كان المراد من الإبصار هو الرؤية بجارحة العين، وأما لو كان الإبصار بمعنى البصيرة والمعرفة والتفطُّن فإنَّ مفاد قوله حينئذٍ: "بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ" انَّه تفطَّن لما لم يتفطنوا له، أي علم انَّ لأثر أقدام الرسول أو أثر أقدام مايركبه خاصِّية خارقة للعادة، لذلك قبض قبضةً من أثر أقدامه ليتوسَّل بها إلى تضليل بني إسرائيل، فغايته كانت هي التضليل كما يُشعر به قوله بعد ذلك: ﴿ وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾(4).

فبناءً على الإحتمال الثاني لا يكون في قوله: ﴿بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ نفيٌ لرؤية غيره للرسول (جبرئيل)، غايته انَّه إختصَّ -بحسب زعمه أو وهمه-عن سائر بني إسرائيل أنَّه تفطَّن إلى إمكانيَّة الإستفادة من آثار قدمي الرسول لغرض التضليل أو التميُّز عن سائر الناس، لذلك بادر إلى أخذ قبضةٍ من أثر الرسول والإحتفاظ بها.

وليس في القرآن أيضاً ما يدلُّ على انَّ دعواه عدم تفطُّن غيره كانت صحيحة، فلعلَّ غيره قد تفطَّن أيضاً إلى ما تفطَّن هو له ولكنَّه لم يفعل ما فعله السامري خشيةَ انَّ ذلك ليس مرضياً لله تعالى أو لمانعٍ آخر.

ثم إنّ الإبصار الذي إدعاه السامري سواءً كان بمعنى الرؤية البصرية أو كان بمعنى البصيرة والمعرفة فإنَّه ليس في الآيات ما يدلُّ على انَّ ما رآه أو تفطَّن له كان له التأثير في صياغة العجل، فهو قد صاغ العجل من الحِلي والذهب أو مع إضافة موادٍّ أُخرى كما يصوغ النحَّاتون التماثيل، وأما إلقاؤه القبضة التي قبضها من أثر الرسول، فلم يثبت انَّها كانت المؤثِّرة في صيرورته عجلاً له خوار، فهو إنَّما فعل ذلك بعد صياغة العجل ليُوهم بني إسرائيل انَّ خواره كان بسبب القبضة التي أخذها من أثر الرسول، وهذا واضح من قول بني إسرائيل لموسى إعتذاراً لما إجترحوه من عبادتهم للعجل: ﴿قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَار﴾ (5).

فإنَّ الظاهر من الآية المباركة انَّ السامري ضلَّل بني إسرائيل، وذلك بالإيعاز إليهم انْ يجمعوا الحِلى الذي غنموه من قوم فرعون ليصوغ لهم منه العجل فيكون مظهراً للإله -بحسب زعمه - حيث انَّه سوف يمزج ذلك الحِلي بما قبضه من أثر الرسول، وهكذا ألقى السامري ما قبضه من أثر الرسول فأخرج لهم العجل فكان جسداً له خوار، فكان خواره مبعثاً لإذعانهم وتصديقهم أنَّه الإله أو المظهر للإله، لذلك قالوا: "مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا" فدعوى انَّ الخوار كان من أثر القبضة التي قبضها السامري من أثر الرسول كانت من تضليل السامري ولم يثبت من القرآن انَّها كانت واقعاً هي المؤثِّرة في صدور الخوار من العجل، والذي يؤكد انَّ السامري كان قاصداَ للتضليل من قذف القبضة في جسد العجل قوله: ﴿فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ فكان مدركاً لكونه كاذباً مضلِّلاً كما يقتضيه إقراره بأنَّ نفسه قد سوَّلت له ذلك.

وأما ماهو سبب الخوار الذي كان يصدر من العجل إذا لم يكن من أثر القبضة فجوابه انَّ سبب ذلك هو الكيفية التي صِيغ على هيئتها جسد العجل، وذلك ليس عزيزاً على المهَرة من الصنَّاع كما هو مشاهدٌ في العصر الحاضر أو كان منشأ صدور الصوت هي حيلةٌ إحتالها السامري فأوهمَ السوقة من بني إسرائيل انَّ صوت الخوار كان يصدر من العجل، أو لعلَّ الصوت الذي كان يخرج من جسد العجل كان من فعل إبليس أو بعض جنوده كما كانوا يفعلون ذلك مع عرب الجاهلية، فقد كانوا يُصدرون أصواتا بجانب أصنامهم فيتوهَّم المشركون أنها صادرة من الأصنام.

وعلى أيِّ تقدير فلم يثبت انَّ الخوار الذي كان يصدر من العجل ظاهراً كان من أثر القبضة التي قبضها السامري من أثر الرسول، فليس من الثابت انَّ أثر الرسول كانت له خاصيَّة خارقة للعادة كما توهَّم السامري أو كما أراد انْ يُوهم بذلك بني إسرائيل، فإنَّ المعجزة إنَّما تكون لهداية البشر لا لإضلالهم، فحتى عصى موسى (ع) لو كانت بيد السامري أو غيره من أهل الضلال فإنَّها لا تصير بيده حيةً تسعى، ولا تفلقُ بحراً، ولا ينبع من ضربها الماء.

ويُؤكد ما ذكرناه من انَّ الخوار لم يكن لخاصيَّةٍ إعجازية ما أفاده القرآن من انَّ العجل لم يكن سوى تمثالٍ مصوغٍ من الذهب، فلم تكن له حياة قال تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ﴾ (6) فهو مصوغٌ من الحِلي كما أفادت الآية، ولم يكن سوى جسد، والجسد إنَّما يُطلق في اللغة والعرف في مقابل الروح، فهو لم يكن عجلاً حقيقةً ، وإنَّما كان على صورة عجل، وهذا هو معنى قوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا﴾ (7) أي عجلاً صفتُه ونعتُه انَّه جسد، وكذلك فإنَّ إعراب "جسداً " في قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا﴾ بدل من كلمة "عِجْلاً" ومعنى ذلك انَّ العجل الذي إتخذوه من حليهم كان جسداً ولم يكن عجلا حقيقة.

والمتحصَّل مما ذكرناه انَّ رؤية السامري للرسول ليس شيئاً ذا بال لو فرض تحققه، ولم يثبت انَّه وحده الذي رآه، وانَّ ما اعتقده من التفطُّن إلى انَّ لأثر الرسول خاصيَّة خارقة للعادة لم يكن سوى وهمٍ توهَّمه، فإنَّ أثر الرسول لو كانت له خاصيَّة إعجازية فإنَّها لا تظهر إلا على يد من إنتجبه الله واصطفاه، وأما الخوار الذي كان يصدر من العجل فلم يكن سوى صوتٍ نشأ إما عن الكيفية التي صيغ على هيئتها العجل أو عن حيلةٍ إحتالها السامري أو كانت من فعل الشيطان وجنوده، فلم تكن القبضة التي قبضها السامري من أثر الرسول هي المؤثِّرة في صيرورة العجل ذا خوار، وإنَّما كانت هذه الدعوى من تضليل السامري حيث ألقى القبضة في سبك الذهب الذي صاغ منه العجل وادَّعى - إعتقاداً أو إيهاماً كما هو الأرجح - انَّ خواره كان من تأثير القبضة.

عقوبة السامري:
ثم إنَّ موسى (ع) قد عاقب السامري -بعد أنْ أحرق عجله ونسف رماده وبقاياه في البحر -وكانت العقوبة هي عزله عن مجتمعه والأمر بقطيعته وهجرانه، وتلك أشدُّ وقعاً على قلبه من قتله، ذلك لأنَّه كما يظهر من سلوكه انَّه كان يطمح في التميُّز والوجاهة بين بني أسرائيل فإذا به يجد نفسه منبوذاً مستحقَراً بينهم.

ويظهر من قوله تعالى: ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ﴾ (8) انَّ عزلة السامري كانت شاملة بحيث لا يقربه من أحد، فهو محرومٌ من تمام صور الإقتراب منه والمخالطة له، فلا يُؤاكل ولا يُباع ولا يُزوَّج ولا يُكلَّم ولا يأويه من أحد في دارٍ أو ظلال.
وقد ورد في بعض المأثورات وكذلك أستظهر بعض المفسِّرين من قول موسى (ع): ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ﴾ انَّه كان ذلك دعاءً منه على السامري، فكان أثره انَّه ابتُلي بداءٍ غريب حيث كان إذا مسَّه أحدٌ إزداد هو وجعاً من مسِّه ويُصاب مَن مسَّه في ذات الوقت بحمَّى شديدة، لذلك كان يفرُّ من الناس ويفرُّ الناس منه . وقيل انَّه ابتُلي بمرضٍ نفسي فكان يستوحش من الناس وينفر منهم، فما انْ يلمح من أحد حتى يفرَّ منه بعيداً، ولهذا هام على وجهه في البراري والقفار كما يتفق ذلك لبعض أصناف ذوي الجنون.

فهذه العقوبة أيَّاً كانت مما ذكرناه هي أشدُّ وقعا وأقسى على قلبِ السامري من القتل، على انَّ من المحتمل قوياً انَّ موسى (ع) علم من طبيعة أتباع السامري أنَّه لو كان قد قتله لتحوَّل عندهم إلى رمزٍ مقدَّس كما يُستشعر ذلك من قوله تعالى: ﴿وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ﴾ (9) لذلك كان بقاؤه منبوذا أو معتوهاً يهيمُ في القفار أوقع في إزالة الشبهة التي علقت في أذهانهم من قتله.

وأما ما فعله موسى مع أخيه هارون فلم يكن عقوبة إذ لم يكن هارون مستحقاً للعقوبة ، نعم ما فعله كان إنسياقاً مع الغضب الذي انتابه مما إجترحه بنو أسرائيل لذلك ألقى ألواح التوراة ، فكان كلُّ ذلك مخالفاً لما هو الأولى ولم يكن معصية، وعذره فيما فعل انَّ الأمر الذي شاهده كان عظيماً شديداً على قلبه ، فنفَّس عن ذلك بتلويم أحبِّ الناس إليه وأقربهم إلى قلبه كما يفعل المحبّون إذا انتابهم خطب جليل لذلك حين هدأ الغضبُ عن موسى ناجى ربه بقوله: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (10).
واحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات: