الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

القرآن الكريم وصف الأمة الإسلامية بالوسطية






الأجود والجيد والأقل جودة .
ومن المعلوم أن القرآن الكريم وصف الأمة الإسلامية بالوسطية في قوله تعالى: {وَ َ ك َ ذلِكَ جَعَْلنَا ُ كمْ أُمًَّة وَسَ ً طا
( لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عََلى النَّا ِ س وَيَ ُ كو َ ن الرَّسُو ُ ل عََليْ ُ كمْ شَ ِ هيدًا } . } . ( ١
_________
. ١) البقرة : ١٤٣ )
: } ُ كنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْ ِ رجَتْ لِلنَّا ِ س } .
١) وفي اللغة : المرعى الوسط هو خياره ، ووسط الشيء أفضله وأعدله ، وواسطة القلادة: الدرة التي في وسطها )
٢) وهي أنفس خرزها . وفي الصحاح:" واسطة القلادة الجوهر الذي هو في وسطها وهو أجودها" . وقد فسره )
الإمام على أنه أحسن الأديان ، وفلان من أوسط قومه أي خيارهم وأشرفهم وأطيبهم، ومنها سميت الصلاة
الوسطى لأﻧﻬا أفضل الصلوات وأعظمها أجرا ولذلك خصت بالمحافظة عليها، وقد وُصِفَ النبي صلى الله عليه وسلم
بأنه كان من أوسط قومه .
وقال ابن الرومي يبكي أحسن أبنائه بقوله:
توخّى حمام الموت أوسط صبيتي ... فلله كيف اختارَ واسطَة العقد
والإسلام مبناه على الخير والعدل والإحسان والمعروف والأمانة والصدق والعفة وسلامة الصدر وسيادة العقل
والحرية المسؤولة واحترام الآخر والتواضع والرحمة والاستقامة والحياء إلى غير دلك من القيم التي هي جديرة
بالقدوة .
_________
. ١) آل عمران : ١١٠ )
١١٦٧ ) ، مادة ( وسط ) . / ٢) الصحاح ( ٣ )
لىاعت هلوقب ملاسلإا لظ في اهتلاسر اله ددتح ةميظع ةينآرق تايآب تبطوخ ةيملاسلإا ةملأا نإ : } ُ كنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
. ( أُخِْ رجَتْ لِلنَّا ِ س تَأْمُرُو َ ن ِبالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْ َ ن عَ ِ ن الْمُنْ َ ك ِ ر وَتُؤْمِنُو َ ن ِباللَّهِ } ( ١
كأنه قال: " أنتم خير أمة في الوجود الآن لأن جميع الأمم غلب عليها الفساد فلا يعرف فيها المعروف ولا ينكر فيها
المنكر ، وليست على الإيمان الذي يزع أهله عن الشر ويصرفهم إلى الخير ، وأنتم تأمرون بالمعروف وتنهون عن
المنكر ، وتؤمنون بالله إيمانا صحيحا يعكس أثره في العمل ، وحينئذ تكون كان تامة" .
وقيل ناقصة:" أي كنتم في علم الله وفي اللوح المحفوظ أو كنتم في الأمم السابقة كما في كتبها المبشرة بكم خير أمة
أخرجت للناس " .
ومهما يكن التقدير فإن أمة محمد هي خير أمة أخرجت للناس ، وقد استحقت هذه الخيرية بالمزايا الثلاث المذكورة
( ، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاستمرار على الإيمان بالله والاعتصام جميعا بحبل الله . ( ٢
_________
. ١) آل عمران الآية ١١٠ )
. ٥٨ ٤ / ٢) المنار - ٥٧ )
لا ةلزنلماو ةناكلما هذﺑﻬ ةملأا هذه تناك نإف للها اهراتخا تي- لىاعتو هناحبس- اﺗﻬاذ نم كلذ ققتح نأ اهيلعف الهلىاعت هلوق في ءاج امك اهسفنو : } ِرَكوَْلتَ ُ كنْ مِنْ ُ كمْ ُأمَّةٌ يَدْعُو َ ن ِإَلى الْخَيْ ِ ر وَيَأْمُرُو َ ن ِبالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْ َ ن عَ ِ ن الْمُنْ
وَُأوَلئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُو َ ن } . ( ١) وهذا التعبير أجمل وأوفى بالمراد كما تقول : ليكن لي منك صديق . وفيه ما فيه من
الحث على العمل وبذل الجهد وإحسان الاتباع حتى تستحق جماعة المؤمنين ﺑﻬذا الدين أن تحظى بشرف تلك المكانة
والمنزلة قبل التمكين لها ، وذلك بالدعوة إلى الخير وبالأمر بالمعروف وبالنهي عن المنكر في دائرة جماعتها ، تتبادل
فيما بينها التواصي بالحق والتواصي بالصبر ، وبعد التمكين لها في القيام برسالتها داخل مجتمعها محافظة على الميزات
الثلاث التي أهَّلَتها لتكو َ ن أمَّة الخير تدعو إلى الخير ، وهل هناك خير وأعظم من الإسلام { ِإنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ
الْإِسْلَامُ } ( ٢) ، { وَمَنْ يَبتَْ ِ غ َ غيْرَ الِْإسَْلاِم دِينًا َفَلنْ يُقْبَ َ ل مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِِ رينَ } ( ٣) فهو الدين الذي
رضيه الله لنا وأمرنا أن نتمسك به ولا نموت إلا
_________
. ١) آل عمران : ١٠٤ )
. ٢) آل عمران : ١٩ )
. ٣) آل عمران : ٨٥ )
نوملسم ننحو . ةظعولماو ةمكلحاب نوكت هلبق ىرحلأابو ينكمتلا دعب ركنلما نع يهنلاو فورعلماب رملأا ةلاسر نكلهتوعد في ملاسلإا راعش ذإ الحسنة واﻟﻤﺠادلة بالتي هي أحسن ، : { َلا ِإكْرَاهَ فِي الدِّي ِ ن } وقد أعجبني كلاما ورد في
المنار لبيان أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يعني تجريد السيف ورفع السوط لإكراه الناس على الدخول في
الإسلام لكونه أعرفَ المعروفات ، وإقلاعهم عن الكفر بكونه أنكرَ المنكرات . يقول صاحب المنار: " إن هذا
القول باطل مبني على قواعد غير ثابتة . . . ومنها:
أن الإكراه على الدين منفي في الإسلام بنص القرآن ، ولم يحارب الرسول صلى الله عليه وسلم أحدا من العرب
ولا من غيرهم لأجل الإكراه على الإسلام ، وإنما حارب دفاعا . وكيف يحاول الإكراه والله تعالى يقول: { َأَفَأنْتَ
. ( تُكِْ رهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِِنينَ } ( ١
وقد فرق بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفريضة تغيير المنكر ، وبيّن أن رسالة ذلك ليست الدعوة إلى
الإسلام والإلزام به .
_________
. ١) يونس : ٩٩ )
هلوقل فلامخ يزارلا هلقن يذلا لافقلا لوق نإو-لىاعت- لاتقب مله نذلإا دعب يننمؤلما فصو في جلحا ةروس في مهيلع نيدتعلما : }َّلا ذِينَ ِإ ْ ن مَكَّنَّاهُمْ فِي الَْأرْ ِ ض أَقَامُوا الصََّلاَة وَآتَوُا الزَّ َ كاَة وََأمَرُوا ِبالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَ ِ ن الْمُنْ َ ك ِ ر }
١) فجعل - سبحانه وتعالى - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أوصافهم بعد التمكين في الأرض وذلك لا )
. ( يكون بالجهاد ، بل بعده ( ٢
ومن أجمل وأعظم ما ورد في هذه الآية كما سبقت الإشارة التبشيرُ بخيرية هذه الأمة بشرط أن تجاهد نفسها على
الإيمان بالحق والعمل به والسير على هداه والدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة وبكل ما هو حسن وأحسن ،
والصبر على ذلك . وهذا يعني البحث عن أنجح الوسائل وأجمل الطرق وأجدى الأساليب وأقوم الخطاب الذي
يقدم من خلال القدوة الحسنة والأسوة الخيرة تبشيرا بالخير وترغيبا فيه ، وهو أي الخير:" ما يرغب فيه الكل
. ( كالعقل مثلا والعدل والفضل والشيء النافع ، وهو خير مطلق مرغوب فيه من كل أحد وعند كل أحد " ( ٣
_________
. ١) الحج : ٤١ )
. ٦٢ - ٦١ / ٢) المنار ٤ )
٣) مفردات الراغب . )
دوروب كلذو ايلع تاجرد ملهو وقد وصف الله جماعات المسلمين وأفرادها بأﻧﻬم هم المفلحون اختصاصا وتأكيدا ،
اسم الإشارة "أولئك" لأﻧﻬم يدعون إلى الخير ويأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر ، فإذا تم لهم ذلك فهم
"أمة الوسط " و"أمة الشهادة " على الناس جميعا ، وسيكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليهم شهيدا .
وهكذا نرى هذه الآيات الثلاث متناسقة يترتب بعضها على بعض: فالأولى تبين أن هذه الأمة كانت خير أمة
أخرجت للناس في علم الله أو في اللوح المحفوظ ، والثانية: أن على هذه الأمة أن تعمل وتصنع من نفسها ما هو
المطلوب منها: { وَْلتَ ُ كنْ مِنْ ُ كمْ ُأمَّةٌ يَدْعُو َ ن ِإَلى الْخَيْ ِ ر } ( ١) . وثمرة ذلك استحقاقها أن تكون أمة الشهادة على
الناس . ولا تستحق ذلك إلا إذا تحققت فيها شروط الشهادة وأهمها : العلم والعدالة والاستقامة على الصراط
المستقيم وكل الخصال والقيم الخالدة والأخلاق السامية والخلال الحميدة التي عبر عنها القرآن الكريم بإيجاز معجز:
" بالوسط " وهي العدل والخيار وسمو المنزلة بما تحقق فيها من اشتمالها على جميع حقوق الإنسانية وحسن توازﻧﻬا بين
المادة والروح وتخلصها أو براءﺗﻬا من إفراط هناك وتفريط هنا وغلو
_________
. ١) آل عمران : ١٠٤ )
انه يرصقتو كانه) ١) . والرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الشاهد على أمته التي أكرمها الله - سبحانه
وتعالى - بالوسطية لكونه المثال الأكمل لمرتبة الوسط ، وإنما تكون هذه الأمة وسطا باتباعها له - صلى الله عليه
وسلم - في سيرته وشريعته . . . فكأن الله يقول: إنما يتحقق لكم وصف " الوسط " إذا حافظتم على العمل ﺑﻬدي
. ( الرسول صلى الله عليه وسلم ، واستقمتم على سنته ( ٢
وهذه الوسطية هي الواردة في الفاتحة باسم " الصراط المستقيم " التي تعبدنا الله ﺑﻬا أي بالفاتحة في كل صلاة لكوﻧﻬا
أمّ الكتاب ، ومن خصائص هذا الصراط المستقيم أنه موصل للغاية السامية ، وهو وحده كذلك دون الطرق
الأخرى الملتوية والمعوجة والمنحرفة والكؤود أو المليئة بالحفر والأمت ، وأنه طريق مأنوس بالسائرين إلى الله من
المنعم عليهم غير المغضوب عليهم ، وهم أولئك الذين عرفوا الحق وخالفوه ، وغير الضالين الذين جهلوا الحق
واجتهدوا في جهلهم وتمادوا في غيهم ، فأمة الوسط بين هذين الطرفين المنحرفين عن الحق .
_________
١ دار الفكر . / ١) انظر تفسير أبي السعود ٢٠٤ )
. ٥ - ٤ / ٢) انظر تفسير المنار ١ )
رقلا برع دقو هسستم لم ولو ءيضي اهتيز داكي ةيبرغ لاو ةيقرش لا ةنوتيز ةكرابم ةرجشب ةيطسولا هذه نع يمركلا نآ ءاشي نم هرونل للها يدهي رون ىلع رون ران . في درو امك كلاه لاإ اهنع غيزي لا اهراهنك اهليل ءاضيبلا ةجلمحا يهو فيرشلا ثيدلحا . ينب اطسو ةيملاسلإا ةملأا للها لعج امكو اهاده دقو الأمم فقد جعل قبلتها وسطا بين الجهات ،
- سبحانه وتعالى - إليها وسماها الصراط المستقيم فقال تعالى: { لِلَّهِ الْمَشِْ رقُ وَالْمَغْ ِ رب يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ِإَلى صِرَاطٍ
. ( مُسْتَقِيمٍ } ( ١) . فهي إذن أمة وسط في قبلة الصلاة أي في الجهات كذلك جعلها وسطا بين الأمم ( ٢
_________
. ١) البقرة : ١٤٢ )
٢٠٤ ، ١٥٩ وانظر كتاب الكعبة مركز العالم ص ١٤٨ - ١٥٨ / ٢) بدائع الفوائد لابن القيم الجوزية ١ )
للدكتور سعد المرصفي مكتبة المنار الإسلامية ومؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع بيروت لبنان سنة
١٤٢١ ه / ٢٠٠٠ م .
وةيطسولا هذه تايلتج نم:
ناسنلإا يمركت
} وََلَقدْ كَرَّمْنَا بَِني آدَمَ وَحَمَْلنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْ ِ ر وَرَزَْقنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وََفضَّْلنَاهُمْ عََلى َ كثِ ٍ ير مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيًلا }
١) . إذ خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته سجود تكريم ، وعلّمه الأسماء كلها ، وخلق له )
زوجا من نفسه وجعل بينهما مودة ورحمة ، وأسكنهما جنته ، وترك لهما الحرية كاملة في التمتع بالأكل منها حيثما
شاءا رغدا ، إلا أن لهذه الحرية حدودا ، فنهاهما الله عن الاقتراب من شجرة واحدة معنية بالإشارة إليها تأكيدا
للتحذير لما في معصية الأكل منها من سوء العاقبة بالنسبة إليهما ، لكنهما ضعفا أمام إغراء الشيطان فأزلهما عما
كانا فيه فأهبطهما إلى الأرض التي قدر الله أن يكون فيها آدم وبنوه خليفة كما أخبر الله ملائكته قبل خلقه بقوله :
{ وَِإذْ َقا َ ل رَبُّكَ لِلْمََلائِ َ كةِ ِإنِّي جَاعِلٌ فِي الَْأرْ ِ ض خَلِيَفًة } ( ٢) ولم يتركه لنفسه ، ولم يغلق دونه باب رحمته ولا نعمة
توبته من نسيانه الذي أضعف عزمه ، بل ألهمه "الاستغفار" وعبادة التوبة: { َفتََلقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ َ كلِمَاتٍ َفتَابَ عََليْهِ
٣) وبين له طريق الهدى وسبيل الفلاح ، وحذره ) {
_________
. ١) الإسراء : ٧٠ )
. ٢) البقرة : ٣٠ )
. ٣) البقرة : ٣٧ )
هسفن ىأر دقف من فتنة ذاك الذي أبى أن يطيع ربه بالسجود له مع الملائكة حسدًا من عند نفسه وتكبرًا وغرورا ،
أنه أولى منه ﺑﻬذا التكريم لأن الله خلقه من نار أما آدم فمخلوق من طين ، وهكذا نجا آدم من الخطيئة التي ارتكب
فلم تعد ينوء ﺑﻬا كاهله ، كما لم يورثها لعقبه من بعده وأصبح بنو آدم في حل مما جناه أبوهم بتوبة الله عليه .
لاو وبذلك أصبح آدم وبنوه على اتصال برﺑﻬم دون واسطة بشرية أو غير بشرية حتى لا يسقط في الاستغلال ،
يعرض نفسه لهتك أسراره وتشويه عرضه ، فما عليه إذ يجترح سيئة إلا أن يبادر بالتوبة والإنابة فيجد الله توابا
رحيما : { وَإِذَا سََأَلكَ عِبَادِي عَنِّي َفِإنِّي قَرِيبٌ ُأجِيبُ دَعْوََة الدَّا ِ ع إِذَا دَعَانِ َفْليَسْتَ ِ جيبُوا لِي وَلْيُؤمِْنُوا ِبي َلعَلَّهُمْ
يَرشُْدُو َ ن } ( ١) بل إن بعض السيئات تُبدل لدى الكريم الغفار التواب الحليم حسنات: { يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيَِّئاتِِ همْ
حَسَنَاتٍ وَ َ كا َ ن اللَّهُ َ غُفورًا رَحِيمًا } ( ٢) . وقد رغّب الإسلام في التوبة في الكتاب والسنة بشتى الترغيبات مما لا
يدع مجالا للقنوط واليأس من رحمة الله ولو جاء بأكثر ما يمكن تصوره من الذنوب والآثام شرط ألا يشرك بالله : {
ِإنَّ اللَّهَ َلا يَغْفِرُ َأ ْ ن يُشْرَكَ ِبهِ وَيَغْفِرُ مَا دُو َ ن َ ذلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } ( ٣) وبذلك فتح أبواب الخير أمام الإنسان ليعود إلى
الوسط بين الخوف والرجاء مع حسن الظن بربه ، وإلى الصراط المستقيم حتى يستظل بظلال رحمة الله وعفوه
ويستمد معرفته الصادقة والصحيحة بربه وعندئذ يتمتع بالكلمة الطيبة في حياته التي هي
_________
. ١) البقرة : ١٨٦ )
. ٢) الفرقان : ٧٠ )
. ٣) النساء : ٤٨ )
ؤت ءامسلا في اهعرفو تباث اهلصأ ةبيط ةرجش لثم اهلك يرخ اﺑﻬر نذإب ينح لك اهلكأ تي) . (١
_________
١) انظر : تفسير الرازي والكشاف وابن كثير وأضواء البيان وغيرها . )
وأ ةطساو نود هبرب هتلص دبعلا ديدجتل احوتفم بابلا كرتت يهو إن التوبة إحدى خصائص الوسطية في الإسلام ،
سمسرة ، ودون تيئيس أو قطع الرجاء فيتمادى المذنب واﻟﻤﺠترح للسيئات في عناده وغيه ، ذلك أن الله - سبحانه
وتعالى - كرم بني آدم إذ خلقهم على الفطرة ، ومهما اعترﺗﻬا من شوائب وأكدار وحُجُب فإن العمق يظل سليما ،
لذلك قال - تعالى - مخاطبا المؤمن : { ادَْفعْ ِبالَّتِي هِيَ َأحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَْكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ َ كَأنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }{ وَمَا
يَُلقَّاهَا ِإلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يَُلقَّاهَا ِإلَّا ُ ذو حَظٍّ عَظِي ٍ م } ( ١) . فإن الإنسان طيب في أعماقه فيه استعداد للمودة
وللتسامح وصلة ما انقطع لكن يحتاج إلى مخاطبته ومعالجته ومدافعة عناده وإصراره على العداوة بالتي هي أحسن
التي تستطيع أن تخترق تلك الحجب ليمس الفطرة التي فطره الله عليها لتتحول عداوته إلى ولاية حميمة وصداقة
وثيقة ، بخلاف الشيطان فإنه شر محض مفطور عليه لا يقبل رشوة لذلك فلا ينفع معه إلا الاستعاذة بالله . ومن
تجليات الوسطية إكرام الله الإنسان بعقيدة التوحيد التي تتميز بسمة التوازن العقلي والروحي ، فلا إنكار للألوهية ،
_________
. ٣٥- ١) فصلت : ٣٤ )
وأ انييم ميقتسلما طارصلا نع فرطتلاو طارفلإاو طيرفتلا نم ةئيرب ةديقع ةينادحولاف ولا غلو فيها ولا وثنية ،
يسارا: { وََأنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا َفاتَّبِعُوهُ وََلا تَتَِّبعُوا السُّبُ َ ل َفتََفرَّقَ ِب ُ كمْ عَنْ سَِبيلِهِ } .
ومن تكريم الله للإنسان حق الحياة ، فمن قتل نفسا بغير حق أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ، ومن
أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ، لكنه إذا ما أزهق روحا متعمدا فالنفس بالنفس ، وهو في الآخرة خالد في النار ،
ومن تكريم الإسلام للإنسان إعلان مبدإ تحرير العبيد عن طريق العتق الذي يعد بابا من أبواب القربات إلى الله ،
وعن طريق العقاب المالي مثل بعض الكفارات ، فالسيد في الإسلام لا يملك إنسانية عبده ولكن يملك رقبته أي
عمله وخدمته ، أما إنسانيته فلا ، فإن جاز له أن يؤدبه فلا يتعدى عشر ضربات مثلما يؤدب أهله ( ١) . فإن مثل
بعبده عتق عليه وهذا مذهب فقهاء الحديث . ولو استكره الرجل عبده أو أمة غيره على الفاحشة عتقا عليه
. ( ويضمن لأمة غيره بمثلها ( ٢
_________
. ٢ / ١) إعلام الموقعين ٤٩ )
. ٢ / ٢) نفسه ٤٦ )
ولا يُعرف في تاريخ الفتوحات الإسلامية أﻧﻬا أبادت شعوبا كما فعلت أمم أخرى من أجل إحلال المسلمين مكاﻧﻬم ،
أو استعبدت شعوبا كما فعل الآخرون عن طريق الغزو والعدوان وجلبها المستعمرات الجديدة وبيعها في الأسواق
كما تباع الأنعام لاستغلالها أبشع استغلال ، وإنما كانت الشعوب تسلم عن طواعية ، فمن أبى فإنه يعيش على دينه
كما نرى ذلك في كثير من بلاد العرب وغيرها مثل الشام : " سوريا ولبنان والأردن وفلسطين والعراق ومصر
واليهود في المغرب العربي والسودان " . أما الهند وبلاد فارس والأندلس وغيرها فإن الفتح الإسلامي اعترف أيضا
بالآخر ولم يرغم أي واحد على الدخول في الإسلام ، في حين عندما انتصر ملوك شبه الجزيرة النصارى أطبقوا على
إبادة المسلمين وإحراق كتبهم وتراثهم وتحويل مساجدهم إلى كنائس ، إذ لم يبق في إسبانيا ولو كتاب واحد من
ملايين الكتب التي ألفها واقتناها ونسخها علماء الأندلس ووراقوها ونساخوها . . أما الكتب التي هي بمكتبة
الإسكوريال فهي مغربية الأصل قرصنها قرصان فرنسي وتسلط عليه الإسبان فجعلوها في دير الإسكوريال وقد
أتلف جلها بالحرق وغيره !!
نوضرعتي اوناك نيذلا دوهيلا لصؤتسلا سلدنلأاب يملاسلإا حتفلا لاولو نم تلايوو بئاصم لىإ رخلآ ينح نم ةيملعلا ةناكلماو ةوظلحاو قوقلحا نم ملاسلإا لظ في اولان دقو لدن ملوك شبه الجزيرة قبل الفتح الإسلامي ،
والاجتماعية والسياسية ما لا ينكره أحد منهم ، أما المسلمون فلا يزالون يبادون إلى اليوم ، والبوسنة والشيشان
مثال على ذلك .
موملاسلإا ةيطسو ن : هتيتح لعج " ملاسلا " نيرخلآا عم هتاقلاعو ، : السلام : { وَِإنْ جَنَحُوا لِلسَّلْ ِ م َفاجْنَحْ َلهَا }
. والبر بكل من لا يحاربنا ولا يخرجنا من ديارنا ولا يظاهر عدوا علينا فالإقساط إليهم واجب : { ِإنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ } ، والوفاء بالعهود: { وََأوْفُوا ِبعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ }{ وَالْمُوفُو َ ن ِبعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا }{ وََأوْفُوا
. ( ِبالْعَهْدِ ِإنَّ الْعَهْدَ َ كا َ ن مَسُْئوًلا }{ َفمَا اسْتَقَامُوا َل ُ كمْ فَاسْتَقِيمُوا َلهُمْ } ( ١
وبما أن الإسلام دين الوسط ومن معاني ذلك العدل: فإن العدل والقسط من أسس الحضارة الإسلامية حتى مع من
يشنؤنا : { وََلا يَجْ ِ رمَنَّكُمْ شَنَآ ُ ن َقوٍْم عََلى َألَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ َأقْرَبُ لِلتَّْ قوَى } .
_________
. ١) التوبة : ٧ )
معلا تاقيبطتلاو ةيوبنلا ثيداحلأاو ةينآرقلا تايلآاو ايوق لظ يذلا نيدلا اذه ةلادع ةمظع ينبت اهلكو لية كثيرة ،
ﺑﻬا إلى الآن على رغم ما اعترى هذا الركن من ضعف واضطراب ، ذلك أن قاعدة "العدل أساس الملك" هي قاعدة
إسلامية يقول تعالى : { وَإِذَا حَ َ كمْتُمْ بَيْنَ النَّا ِ س َأ ْ ن تَحْكُمُوا ِبالْعَدْ ِ ل } ( ١) . ولم يقل وإذا حكمتم بين المسلمين
فالعدالة شاملة للجميع وقال تعالى : { ِإنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ ِبالْعَدْ ِ ل وَالِْإحْسَانِ وَِإيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَ ِ ن الَْفحْشَاءِ
وَالْمُنْ َ ك ِ ر وَالْبَغْ ِ ي يَعِظُكُم َلعَلَّكُم تَ َ ذكَّرُو َ ن } ( ٢) . ويقول ابن القيم :" فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحِ َ كم
ومصالح العِباد في المعاش والمعاد ، وهي عدل كلها ورحمة كلها وصالح كلها وحكمة كلها ، فكل مسألة خرجت
عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة
وإن أدخلت فيها بالتأويل ( ٣) ، ولذلك كان الظلم ظلمات يوم القيامة ، وقد حرم الله الظلم على نفسه كما حرمه
على الخلق ، وأوجب عليهم ألا يتظالموا فيما بينهم ، ودعوة المظلوم مستجابة ولو كان هذا المظلوم كافرا إذ ليس
_________
. ١) النساء : ٥٨ )
. ٢) النحل : ٩٠ )
. ٣ / ٣) أعلام الموقعين عن رب العالمين ٣ )
هلوقب هتمدقم لوصف نم لاصف نودلخ نبا نونع دقو بينها وبين الله حجاب ، : الفصل الثالث والأربعون في أن
الظلم مؤذن بخراب العمران ( ١) . ويقول بعد إيراده حكاية دالة عن خراب الأمم بسبب شيوع الظلم:" فلما كان
الظلم كما رأيت مؤذنا بقطع النوع لما أدى إليه من تخريب العمران كان حكمة الخطر فيه موجودة فكان تحريمه
. ( مهما ، وأدلته من القرآن والسنة كثيرة أكثر مما يأخذها قانون الضبط والحصر ( ٢
_________
١) المقدمة ص ٣٥٣ طبعة دار الفكر بيروت . )
٢) انظر كتابه: نظرة في مستقبل البشرية قضايا لا تحتمل الانتظار ص ٨٧ ترجمة د . محمود علي مكي الجمعية )
المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية ١٩٨٧ م ، القاهرة ، مصر .
ةيمدقلا تافاقثلا تىح نايدلأاو تافاقثلا عونتم عمتجبم لماعلل ظفتتح نأ ةيملاسلإا ةراضلحا تعاطتسا ةلادعلا هذﺑﻬواو ةيروشلآا ةراضلحاك ةدئاب تاراضح ىلع ةدهاش تلظ تيلا ةقباسلا تاراضلحا نم اهيرغو ةينوعرفلاو ةيقينيفل باتك بحاص نظأ اميف نوطراس جروج لوقي امك لوقاشلاب يراضلحا مدقتلا ساقي لاو على الحضارة الإسلامية ،
Federico mayor zaragoza تاريخ العلم ، أو كما يقول الأستاذ الدكتور فيديريكو مايور سرقسطة
الإسباني مدير اليونسكو السابق بمقاييس مادية تتجلى في مجتمع الاستهلاك وإشباع رغباته حتى التخمة والإخلاد إلى
الخمول . إن المعيار الجديد للرقي الحقيقي هو الذي يتخذ محوره من القيم الخلقية التي ينبغي أن تتوافر في الإنسان
بصفته إنسانا ( ١) . ولا يقاس الرقي بتقدم المعارف وتطبيقاﺗﻬا التقنية فقد بلغ هذا التقدم حدا هائلا من التضخم
جعله يثقل كواهلنا وينسينا الوعي الجاد بخطورة المشكلات المتولدة عنه ، ويتساءل الدكتور فيديريكو سرقسطة :
السنا نرى كيف يؤدي التقدم العلمي إلى تدمير الإنسان ( ٢) . ويقتبس من بعض كبار المفكرين الذين درسوا
. ( الحضارة الغربية قوله : " ولكن الحقيقة هي أن كل شيء يسير في طريق خاطئ" ( ٣
_________
. ١) نفسه ٣٥٦ )
. ٢) نفسه ٧١ )
. ٣) نفسه ٧٠ )
برغلا ءامظع راكفلأ ةيرثك تاصلابخ هراكفأ ززعي يذلا يربكلا ركفلما اذه يأر في ةيبرغلا ةراضلحا نأ ةصلالخاوسنلإا هيف رطيسي نأ لدب لابقتسم تعنص دق هل ادبع حبصأ مدقتلا ىلع نا) . (١
والحقيقة أن كبار المفكرين متشائمون من عاقبة هذه الحضارة . وينقل الدكتور سرقسطة هذا التشاؤم في كتابه
النفيس مثل قول السيدة إستيفانا ألدابا بيم التي تتساءل عن مصير القيم الأخلاقية في عالم الاستهلاك السفيه : "
عالم اختراعات تدميرية ، عالم معقد ، عالم نرى فيه جهود العلماء والمخترعين موجهة إلى تدمير حياة الإنسان بد ً لا
. ( من تمكينه من البقاء ( ٢) . إن ما يقوله سرقسطة قاله من قبل شبجلر " ، وقاله كثير من المعاصرين ( ٣
_________
. ١) نفسه ٧٠ )
. ٢) نفسه ٧٥ )
. ٣) نفسه ٨٧ )
دقتلما عمتﻟﻤﺠا نإ كلاهتسلاا عمتمج اهنم وليخ ةيرثك ةليبن تافصب مستي م) ١) ويرى أن اختلاف الثقافات هو التعبير
الصادق عن الإنسان المبدع . . . الإنسان الحكيم ( ٢) والعلم الذي يُشقي والتقدم الاستهلاكي الذي يؤخر هو ما
عناه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعلم لا ينفع وبطن لا يشبع، وما قاله القرآن الكريم : { وَعْدَ اللَّهِ َلا
يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وََلكِنَّ َأكَْثرَ النَّا ِ س َلا يَعَْلمُو َ ن }{ يَعَْلمُو َ ن ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَ ِ ن الْآخِرَةِ هُمْ َ غافُِلو َ ن }{
َأوََلمْ يَتََفكَّرُوا فِي َأنْفُسِ ِ همْ مَا خََلقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالَْأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا ِإلَّا ِبالْحَقِّ وََأجَ ٍ ل مُسمَى وَِإنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّا ِ س
ِبلَِقاءِ رَبِِّ همْ َل َ كافِرُو َ ن }{ َأوََلمْ يَسِيرُوا فِي الَْأرْ ِ ض َفيَنظُْرُوا َ كيْفَ َ كا َ ن عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ َقبْلِ ِ همْ َ كانُوا َأشَدَّ مِنْهُمْ قُوًَّة
وَأَثَارُوا الَْأرْضَ وَعَمَرُوهَا َأكَْثرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُُلهُمْ ِباْلبَيِّنَاتِ َفمَا َ كا َ ن اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وََلكِنْ كَانُوا َأنْفُسَهُم . ( يَظْلِمُو َ ن } ( ٣
_________
ص ١٩٥ ، وغيرها تأليف كستير ثارو ترجمة أحمد فؤاد بليغ - عالم ، « الصراع على القمة » ١) انظر مثلا )
. المعرفة ٢٠٤
. ٢) نفسه ٨٩ )
. ٩ - ٣) الروم : ٦ )
و
ةيقللخا ميقلاب ةينقتلاو ملعلا طبر
ميقلا هذه ىلع قلطيو هو الجوهر الأساس لوسطية الإسلام بعد توحيد الله والإيمان بالغيب ، : الأخلاق والأدب
وتزكية النفس ، لذلك نرى اهتمام الحضارة الإسلامية بالجانب السلوكي والتربوي للرفع من مستوى الإنسان
المسلم في جميع مناحي حياته وتصرفاته ، فالأدب كما يقول ابن القيم :" هو الدين كله " ( ١) ويقول عكرمة مولى
عبد الله ابن عباس : " لكل شيء أساس ، وأساس الإسلام الخلق الحسن" ( ٢) . وحقيقة الأدب اجتماع خصال
وقال له ربه: { وَِإنَّكَ َلعَلى . « أدبني ربي فأحسن تأديبي » : الخير ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
خُلُ ٍ ق عَظِي ٍ م } . وما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ليتمم مكارم الأخلاق كما جاء في الحديث
الشريف . والأدب يكون أولا مع الله ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع الخلق : بشرا وحيوانا ونباتا
وجمادا ، لذلك فإن وسطية الإسلام تبرز بشكل قوي في هذه الشبكة العظيمة للأخلاق والآداب التي تحيط بالإنسان
في جميع أحواله وعلى جميع مقاماته ومستوياته ومختلف مسؤولياته ، كما أحاطت الإنسان المسلم بأدعية وأذكار
وكلها مرتبط بإصلاح الباطن . ومضمون تلك القيم يجعل المسلم
_________
. ٢ / ١) مدارج السالكين ٣٨٤ )
- ٢) مشكلة الثقافة ص ٨١ للأستاذ مالك بن نبي - دار الفكر المعاصر - بيروت- دار الفكر - دمشق- ط ٤ )
سنة ١٤٢٠ ه / ٢٠٠٠ م .
م ةئيبلا نم اﺑﻬ طييح امو توازنا في حياته نافعا ﻟﻤﺠتمعه بل للإنسانية جمعاء ، . وتجعله عنصر إسعاد لنفسه ولغيره .
ولنأخذ مثلا لذلك التعامل مع الجار ومواجهة الجهل والجاهل ، وحق الطريق ، وحق المنابع المائية ، وحق المرافق
الاجتماعية ، وحق الحيوان ، وحقوق الوالدين وأصدقائهما ، وحق المسلم على المسلم في شتى الأحوال والعلاقات
، وحق الرحم ولو كانت كافرة ، وحق المواطنين غير المسلمين ، بل حق نفسه على نفسه ، وحق أهله وأولاده . .
. وهناك النوافل المختلفة وفروض الكفاية تجعل من المسلم العضو الصالح والنافع والمسهم بحيوية في تغذية اﻟﻤﺠتمع
بثقافة الخير والمحبة والسلام ، وهذه الثقافة تمتاز ما دامت تستمد تعاليمها من منابعها الصافية بالتماسك الداخلي
وبالشمول والحيوية والبناء المطرد كالشجرة المباركة .
امأ ةلحاصلاو ةليملجا بناولجا خسرتو الأدعية والأذكار المشروعة فهي دائما تزكي تلك القيم الروحية والخلقية ،
في تربية الإنسان المسلم من لدن استيقاظه إلى ذهابه إلى النوم لتجعله أثناء ذلك وبعد ذلك عضوا سليما وصحيحا
وفعالا من خير أمة أخرجت للناس ، ومن أمة الوسط يتمثل فيه الخير والحب والرفق والنفع للدوائر المسؤول عنها
كلها . وهكذا يحاط المسلم بكل ما يجعله يمثل حقا إنسان الرسالة السماوية الخالدة .
إن أمة الوسط هي أمة الأخلاق ولكن أي أخلاق ، إﻧﻬا أخلاق حضارية شاملة يعم إشعاعها الداخل والخارج ، فهي
لا تعرف عنصرية ولا تحيزا ، ولا الكيل بمكياليْن أو مكاييل كما وقع في الحضارات البائدة وفي مجتمعات عنصرية
معاصرة مثل جنوب إفريقيا ، وكما هو واقع الآن في جل اﻟﻤﺠتمعات الغربية التي فضحتها ممارسات غير أخلاقية
غلبت التطبع الذي كان واجهة لا تعبر عن حقيقة ما وراءها . وقد شهدت أخلاق القوم هناك تراجعا وتدهورا تجاه
الآخرين ولا سيما المسلمون .
ةناهمو اصقن ناك هنع ترصق امو ثم إن للأخلاق الإسلامية حدًا متى جاوزت صارت عدوانا ، .
وضابط ذلك كله العدل كما يقول ابن القيم وغيره ، فأعدل الناس من قام بحدود الأخلاق والأعمال والمشروعات
. ( معرفة وفعلا ( ١
إن الأخلاق الإسلامية تنشأ مع العقيدة وتسري في العبادات وتتفاعل مع المعاملات ، فهي الثمار الجميلة والمفيدة
والمطلوبة والمرغوب فيها من الإنسان على اختلاف مشاربه وملله ونحله ، وهي أساسا تبدأ بشد الأفراد في اﻟﻤﺠتمع
برباط متين .
_________
. ٦١ / ١) صفة الصفوة ٢ )
يعفارلا قداص ىفطصم لوقي " : لك نم عومﻟﻤﺠا دش لىإ يمرت ةيوق قلاخأ ةعوممج لاإ هتقيقح في ملاسلإا اموةهج) " ١) . ويقول : إﻧﻬا تضبط الضمير المسلم ضبطا ينعكس انضباطا في الحياة ، ويتجاوب مع ما يسن من
تشريعات وقوانين عادلة ، ذلك الضبط الذي يعبر عنه القرآن بالتقوى . ويقول: إن من خصائص هذا الدين
الأخلاقي أنه صُلب فيما لا بد منه للنفس الإنسانية إذا أرادت الكمال الإنساني ، ولكنه مرن فيما لا بد منه
لأحوال أزمنة مختلفة مما لا يأتي على أصول الأخلاق الكريمة ( ٢) . ومن تلك التقوى والانضباط الروحي والنفسي
والعقلي ينشأ الاعتصام بأمر الله جميعا كما نص القرآن الكريم محذرا في الوقت نفسه من التفرق والتنازع والتناحر
يقول تعالى : { وَاعْتَصِمُوا ِبحَبْ ِ ل اللَّهِ جَمِيعًا وََلا تََفرَّقُوا وَاذْ ُ كرُوا ِنعْمََة اللَّهِ عََليْ ُ كمْ ِإ ْ ذ ُ كنْتُمْ َأعدَْاءً َفَألَّفَ بَيْنَ ُقُلوِب ُ كمْ
َفَأصْبَحْتُمْ ِبِنعْمَتِهِ ِإخْوَانًا وَ ُ كنْتُمْ عََلى شََفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّا ِ ر َفَأنَْق َ ذكُمْ مِنْهَا َ ك َ ذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ َل ُ كمْ آيَاتِهِ َلعَلَّكُمْ تَهْتَدُو َ ن }
. (٣)
_________
. ١٤١ ، ١) الفوائد لابن القيم ص ١٤٠ )
. ٢٠١ / ٢) وحي القلم ٣ )
. ٣) آل عمران : ١٠٣ )
ةلتاقتم ةقرفتم ةيداعتم تناك تيلا ةملأا هذه ىلع للها ةمعن كلذ ءارو نإف قرفتلا مدعو ماصتعلاا ققتح اذإف للها فلأف ةضغابتم- هناحبس- مﺑﻬولق ينب. برتعت نأ اهيلع بجيف ثم يستمر القرآن الكريم بتحذير هذه الأمة من أن تقع فيما وقعت فيه أمم سابقة ، حتى لا
تكون كأولئك الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءﺗﻬم البينات (آل عمران ١٠٥ ) . ثم تأتي الآية ١١٠ لتخبر
المسلمين بأﻧﻬم خير أمة أخرجت للناس بالشروط والسمات المذكورة .
لما فيو الهوح امو ىرقلا مأ في ةرحانتم لئابقو ةقرفتم رصانع نم لعج يذلا وه ملاسلإا حور نإ نمو الهوح امو ةنيد ناك تىح عنصري المهاجرين والأنصار أول مجتمع إسلامي متماسك متراص ومتعاون كأحسن ما يكون التعاون ،
الرجل في اﻟﻤﺠتمع الجديد يعرض على أخيه أن ينكحه من يختار من أزواجه بعد أن يطلقها له كي يبني بذلك أسرة
١) . تلك ملامح من وسطية الإسلام ، وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال مشروع : أين الأمة التي تمثل وسطية الإسلام )
؟ وبعبارة أخرى: أين أمة الوسط ؟ فهل هي التي كانت في العهد الأول على عهد رسول الله وعهد خلفائه
الراشدين قبل أن تتحول إلى ملك عضوض ثم جددها الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ؟ إن تجريد
الأمة من وسطيتها من بعد العصرين النبوي والراشدي ظلم كبير ، فقد امتد الإسلام امتداد ضياء الشمس في
الأرض وما زال يمتد . وإن تراثه العظيم وحضارته العظيمة وثقافته السامية النبيلة ما يزال العالم يستفيد منها ويشيد
ﺑﻬا ، وما يزال لهذا الدين نفوذه وقوته عبر العالم . ولقد أعلنت أمريكا أنه أسلم من جيشها في السعودية فقط أثناء
إقامته هناك ثلاثة آلاف فرد( ٣٠٠٠ )، وقد أعلن بعض من كان يمارس الدعوة في وسط الجيش
_________
. ٢٠٢ / ٣ (١)
ةفعاضم فاعضأ ددعلا نأ يكيرملأا ، وكذلك الأمر بالكويت وغيرها من بلاد الخليج والآن في العراق ، بل قد
أعلنت الدوائر الأمريكية المسؤولة أن عدة حراس بقاعدة "غوانتانامو" أسلموا على يد الأسرى المسلمين هناك ،
كما أعلنت داخلية فرنسا أنه أسلم في فرنسا خلال عشر سنوات حوالي خمسين ألف فرنسي . ولعل الرقم مضاعف
ثلاث مرات على الأقل حسب ما نشاهد وما يقال لنا من مصادر موثوقة . إن ظاهرة دخول الناس في الإسلام
مطردة ومتنامية، ونحن نعيش في وسط هذه الظاهرة بالنسبة لأسبانيا ، فلا يكاد يمر أسبوع دون أن يزور بعض
مراكز إخواننا الدعاة في إسبانيا وفي المغرب أفراد وأسر بكاملها دخلت في الإسلام أو تريد أن تشهد للدخول فيه ،
وما يقع في العالم الغربي يقع في العالم الثالث وخاصة أفريقيا التي هي مستقبل الإسلام بحول الله وقوته .
وما ذلك إلا لوجود طائفة ذات حجم مهم يدعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ويجادلون بالتي هي أحسن ،
فالعالم الإسلامي مصنف - ما عدا ماليزيا - من العالم الثالث ، وهو عموما في مجمله فقير متخلف علميا وتقنياً ،
ولكنه عالم غني بقيمه الخلقية السامية وبكثير من عاداته النبيلة مما يجعل ظاهرة التأثير الإسلامي قوية عبر العالم غير
الإسلامي متحضرا أو متخلفا . يقول مالكولم إيكس في رسالة مشهورة بعثها أثناء حجه بمكة المكرمة إلى بعض
أقربائه ومعارفه وإلى والاس محمد بن شيخه إليجه محمد قال فيها : "لم أعرف أبدا في حياتي ضيافة في مثل هذا
الصدق والأخوة وفيما تبعثه من العواطف العميقة كلقاء الرجال والنساء من جميع الأجناس اﻟﻤﺠتمعين على هذه
الأرض القديمة المقدسة ، موطن إبراهيم ومحمد الذين ورد ذكرهما في القرآن الكريم . . . إن أمريكا بحاجة إلى أن
تفهم الإسلام لأنه هو الدين الوحيد الذي لا يعرف التمييز العنصري " .
هذا الحج أرغمني على مراجعة بعض الأفكار التي كنت أعدها أفكاري ، وعلى بعض النتائج التي كنت قد توصلت
إليها . . .
مهارأ انأو تركف دقل ناسنلإا ةينادحوب نورقي اضيأ مه اوناك للها ةينادحوب نورقي اوناك ينيكيرملأا ضيبلا نأ ول نوللاب قلعتت بابسلأ مﺑﻬ رارضلإاو نيرخلآا ةﺑﻬامج نع نوفكي فوس مﻧﻬأو . ،
ونرى أن التمييز العنصري هو سرطان أمريكا الحقيقي ، وأن مصيرها سيكون مثل مصير ألمانيا النازية إلا إذا عكفت
على الحل الإسلامي للمشكلة لإنقاذ أمريكا من كارثة توشك أن تحل ﺑﻬا . . . " . ووقع باسم الحاج مالك ثبار
وتحت ذلك مالكولم إيكس ( ١) . ومازلت أذكر كلمة قالها لي أحد الأمريكيين وكان فيما مضى قاضيا وهو أسود ،
وقد أسلم تايسون على يده:
" إن نعمة الإسلام نعمة كبيرة وعظيمة لا يشعر ﺑﻬا المسلمون ، إنما نحن الذين نشعر ﺑﻬا عندما أسلمنا فشعرنا بالفرق
الهائل بين النقم التي كنا نعيش ﺑﻬا وضنك الحياة والخواء الروحي وسوء الأخلاق التي كنا نعانيها وبين نعمة الإسلام
التي ملأت قلوبنا اطمئنانا وسكينة ، وغيرت أخلاقنا ونظرتنا إلى العالم حتى أصبحنا نرثي لأعدائنا ونعطف عليهم
ونسعى لضمهم إلى قافلة المنعم عليهم بالإيمان " .
_________
١) مذكرات مالكولم إيكس - ترجمة ذوقان قرقوط - دار الآداب - بيروت ١٩٦٨ م . )
ىلع ءلاؤه ملاسإ صصقو لذلك لا غرابة أن يسلم كبار القوم وصغارهم وما بين الطرفين ، رغم أن بعضها سجل
إلا أن آلاف الأحوال لم تسجل ، وما أوتينا من علم ذلك إلا قليلا .
وقد أصلح الحاج مالك ثبار بعض آرائه وأفكاره مثل مستر نوكس الذي كان من الفهود السود وصار ينظر إلى
الرجل الأبيض نظرة إسلامية بعيدة عن التطرف والتعصب والتمييز العنصري نتيجة للنظرة الأمريكية العنصرية .
وقال لي أحد أقطاب جماعة عباد الرحمن ببيروت آخر الستينيات : إﻧﻬم احتفلوا بالحاج مالك ثبار ورسخوا في ذهنه
فكرة أن التفاضل بين الناس ليس على أساس العرق أو اللون أو المال وإنما أكرمكم عند الله أتقاكم .
ةيبرعلا ةكلملما ةاعدل نأ مولعلما نمو نمو ضيبلا نم هفقوم ديدستو لجرلا راكفأ حلاصإ في احضاو ارثأ ةيدوعسلا ينملسلما يرغ . . . زيزعلا دبع كللما دهع ىلع ةكلملما في ملسأ هلبقو- للها هحمر- سياف دلوبويل ) دسأ دممح ( لاإ ملاسلإا في لجرلا اذله نكي لم ولو " قرتفم ىلع ملاسلإا " و "ةكم لىإ قيرطلا "فكل ها . ىرخأ ابتك فاضأ دقفاهنمو : ةيزيلنجأ ةجمرت نسحأ نسح يقوسد ديس روتكدلا ذاتسلأا هدعي يذلا ةيزيلنجلإا لىإ يمركلا نآرقلا نياعلم ةجمرت وريدوكسإ روصنم ملاسلا دبع لثم نابسلإاو ينملسلما ةرتاكدلا ءامدق ضعب هيلع دمتعي امك إلى الآن ، . وقد ظل
( ١٩ بالأندلس بإسبانيا ( ١ / ٢ / محمد أسد يعيش في ظل كرم بعض رجالات السعودية الأكارم إلى وفاته ١٩٩٢
. إن سر انتشار الإسلام في الأوساط الغربية وكذا روسيا وسطيته وتوازنه وتجاوبه مع الفطرة والعقل السليم انطلاقا
من توحيد الله إلى إماطة الأذى عن الطريق ، ولما تحمله تعاليمه من قوة روحية نافذة قد تخترق الحجب لتستقر في
الروح والوجدان دون إرادة صاحبه كما يعبر عن ذلك محمد أسد الذي لم يشعر إلا والإسلام قد ملأ روحه وأضاء
جميع وجدانه بنور الحق . . . والقصص الرائعة لبعض من أسلم من
_________
ص ٥٩ رجب ١٤١٣ ه « اﻟﻤﺠلة العربية السعودية » المنشور في « محمد أسد » ١) انظر : المقال القيم عن )
للكاتب الكبير الشيخ عبد العزيز الرفاعي رحمه الله .
ليجستلاب ةريدج ينيبرغلا . نزلحاب رعشي لماعلا في كرابم راشتنا نم ملاسلإا هققيح ابم ملسلما زتعي ام ردقب نكل ملسلما يرغ لماعلا ىلع ضرعت تيلا ةهوشلما تاهجاولل ىسلأاو نع ردصي ابم " ضعب " ةنيشم تافرصت نم ينملسلما ةرفنم فقاومو ةئيس راكفأو . نم لعيج يذلا طرولما يمالمحا كلام انذاتسأ هيلع قلطي يذلا عونلا اذه رثك دقو هيلع مكلحاو هتنادإ ىلع ةجح بركأ ءيبرلا ملاسلإا نع نعرلأا هعافد . هنإ لب وليت الأمر يقف عند حد الكلام ،
يتحول إلى أفعال مفزعة واندفاعات إجرامية شنيعة . والمؤسف أكثر أن الدعوة الإسلامية تحولت عند هؤلاء إلى
محاكم التفتيش تقوم على التكفير والتفسيق واستباحة دماء الأبرياء مما يناقض وسطية الإسلام وسماحته وجماله ورحمته
ودعوته إلى الرفق وحسن الظن والتيسير والمحبة والاحترام واللطف وحسن الآداب مع الجميع: { وََلوْ كُنْتَ َفظًّا
َ غلِي َ ظ الَْقلْ ِ ب لَانفَْضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } ( ١) . وهذا النوع من المسلمين يخلون برسالتهم في تمتين أواصر المحبة بالداخل
وفي تشتيت الجهود للبناء الاجتماعي وتضييع الفرص المتاحة لاستدراك ما فات الأمة من اللحاق بالأمم المتقدمة
مثلما وقع للمسلمين عندما نبتت خلالهم ومن وسط التقوى
_________
. ١) آل عمران : ١٥٩ )
دوهلجا نإف والصلاح والزهد وحب آل البيت تيارات زعزعت الشبكة الاجتماعية للبناء الإسلامي كالخوارج ،
الجبارة والشجاعة النادرة والاستماتة العجيبة والاستهانة بالموت في سبيل المبادئ ومظاهر عمق التدين والتعلق
بالآخرة وإيثارها على الحياة الدنيا بدل أن تكون هذه الخصال الحميدة قوة دفع للمسلمين ونشر الدعوة في الخارج
كانت عوامل هدم للمسلمين بالداخل عاقت الفتوحات ونشرت روح التمرد وفتحت أبواب الفتن بين العوام ، فما
تبنيه الحكمة في دهر ﺗﻬدمه الحدة في وقت وجيز كما يقول محمد عبده فيما ضيعته حدة أستاذه جمال الدين الأفغاني
رحمه الله .
ةيسمرلا ةيملاسلإا تامظنلماو ةيملاسلإا تاعمالجا نعو ةيملاسلإا ةوعدلا نع ةلوؤسلما ةيملعلا تاسسؤلما ىلع نإدلا تاعاجمو تامظنلما عم قداصلا نواعتلا ةملأا ىلع ةيرغلاو صلاخلإاو ةمكلحاب اله دوهشلماو ةنزتلماو ةلقاعلا ةوع ةلبقلما راطخلأا كرادتل ةيدرف ةفصب ةوعدلا لوقح في ينلماعلا هتلااجرو يملاسلإا ركفلا ملاعأ عمو وقضاياها ،
والمهددة بالقيام بالتخطيطات على المدى القريب والبعيد لانتزاع التوجيه والإرشاد وشؤون الفقه والدين والتربية
والتكوين والفتوى من مساعر الحرب والفتن والأيدي والجهات التي انتهجت السلوك المشين والاضطرابات المؤسفة
التي لا تزيد الأمة إلا تأخرا وتنشر خلالها روح التقاطع والتدابر وكل ما يمزق الشبكة التي يَمْتَنّ الله بقوﺗﻬا وتلاحمها
وتآلفها على المسلمين .
تيلا ةماملإا كلت وقد رأينا محاولات فردية وغير فردية تتصدى لهذا الفكر وتعمل على انتزاع إمامته للشباب منه ،
تعزز اتجاهها المدمِر بإيهام الشباب بأن مرجعيتها من الكتاب والسنة وفقه السلف الصالح وكبار الأئمة والمصلحين .
والحقيقة أن هناك من يعتمد في مواقفه وسلوكه وفقهه على أئمة هم براء مما يصدر عن هؤلاء الذين يورطون الأمة
ويوقعوﻧﻬا في مشاكلات عويصة لا قِبَل لهم بحلها .
إن السلفية الحقة بريئة من اتجاه التكفير والتفسيق والخروج على الأمة وتوريطها في نزاع مع الخارج وإعطاء صور
مشوهة عن الإسلام والمسلمين مما يثير شعوب العالم على هذا الدين وأصحابه في وقت أصبح الإسلام أكثر الأديان
تأثيرا وقبولا . . . فلو لم يكن هذا الدين محجوبا بسلوك أولئك الذين يشوهون حقيقته لكان للإسلام والمسلمين في
هذا العصر شأن وأي شأن . يقول الإمام الذهبي - رحمه الله - عن شيخه ابن تيمية - رحمه الله - الذي يتكئون
على بعض فقهه الذي لم يفهموه: " كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامه يقول:
" رفكأ لا انأ ] ادحأ [لوقيو « لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن » : من الأمة ، : " قال النبي صلى الله عليه وسلم
فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم " . ويقول الذهبي : إنه يدين بما سمعه من شيخه وبما بلغه عن الإمام
الأشعري رحمه الله" الذي عندما قرب حضور أجله دعا زاهر بن أحمد السرخسي وكان الإمام يقيم معه في داره
قال:
" فأتيته فقال: اشهد عليّ أني لا أكفر أحدا من أهل القبلة لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد وإنما هذا كله
. ( اختلاف في العبارات " ( ١
بل إن الإمام ابن تيمية - رحمه الله - يرى عدم قتال طائفة وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالباغية سواء
كان ذلك بتأويل أو بغير تأويل لما ينشأ عن ذلك من الفتنة ، ويقول : " وكل ما أوجب فتنة وفرقة فليس من الدين
٢) " . وأئمة الإسلام وعلماؤه مجمعون على هذا الفقه ، وهو فقه لا يروق نفسيات ساخطة وعقو ً لا صغيرة )
وعلومًا ناقصة .
ومما يغيب عن بال كثير ممن يتعاطى الدعوة أن منشأ الفتنة لا يكون من ترك ما أمر الله به فقط ، وإنما من ترك
الصبر أيضا .
. ( وروى ابن تيمية أن الذي لم يعرف الحق وقصر في معرفته وزاد على ذلك فقد أصاب ثلاثة ذنوب ( ٣
_________
. ٨٨ / ١) سير أعلام النبلاء ١٥ )
. ٣٧-٣٦ / ٢) الاستقامة ١ )
. ٣) نفسه ٣٩ )
نم يرثك نع بيغت تيلا ةعئارلا راكفلأا هذه نم ومن فقه هذا الإمام أنه يزودنا بأفكار عظيمة مبثوثة في كل كتبه ،
ذلك النوع من الدعاة الذين كادت الساحات تمتلئ ﺑﻬم وذلك تجنبا للفتنة وحفاظا على الأمن والاستقرار يقول:
" ولهذا نجد الناس يفضلون من كان من الملوك ونحوهم إنما يظلم نفسه بشرب الخمر والزنا أو الفواحش ويتجنب
ظلم الرعية ويتحرى العدل فيهم على من كان يتجنب الفواحش والخمر والزنا وينتصب لظلم الناس في نفوسهم
. ( وأموالهم وأعراضهم ( ١
ونرى كذلك من نتائج هذا الفكر اﻟﻤﺠانب للوسطية الإسلامية أنه يثير فتنا كثيرة بسبب بعض من يراه غير أهل
للإمامة لجرح شاع عنه أو رآه عليه فلم يستره وإنما جعله ديدنه ففضحه وهتك أستاره ، وربما حاول أن ينصحه
ففضحه أو عنفه واشتد عليه على رؤوس الأشهاد . يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله:
" ولو علم المأموم أن الإمام مبتدع يدعو إلى بدعته ، أو فاسق ظاهر الفسق وهو الإمام الراتب الذي لا تمكن
الصلاة إلا خلفه كإمام الجمعة والعيدين والإمام في صلاة الحج بعرفة ونحو ذلك فإن المأموم يصلي خلفه عند عامة
لسلف والخلف" . وهو مذهب أحمد والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم .
_________
. ١) نفسه ٤٦٦ )
دئاقعلا في اولاق اذلهو : ارجاف وأ ناك ارب مامإ لك فلخ ديعلاو ةعملجا يلصي هنإ. اقساف ماملإا ناك نإو هدحو لجرلا ةلاص نم يرخ ةعاجم في ةلاصلا نإف. ا فلخ ةعاملجاو ةعملجا كرت نمو دحمأ ماملإا دنع عدتبم وهف رجافلا ماملإ) . (١
وهذه الأفكار منتشرة كثيرا في تراثنا الإسلامي ، من ذلك ما قاله العالم الجليل الشيخ أحمد زروق الفاسي في
قواعده: " حفظ النظام واجب ، ومراعاة المصلحة العامة لازمة ، فلذلك أجمعوا على تحريم الخروج عن الإمام بقول
أو فعل حتى انجر إجماعهم على الصلاة خلف كل بر وفاجر من الولاة وغيرهم ما لم يكن فسقه في عين الصلاة "
. (٢)
_________
. ٣٥٣ / ١) فتاوى ابن تيمية ٢٣ )
. ٢) قواعد التصوف ، ص ٦٩ )
ف وأ مهفارنحا يضريو ةلاغلا ءاوهأ بساني ابم ءاملعلا ضعب هقفل ةرستبلماو ةيئزلجا تاءارقلا نإ وأ رصاقلا مهمه هذه نم فرتغت تناك راكفأو ىواتف نع تأشن تيلا تنفلا هذه نع لوؤسلما دعي هضعب وأ كلذ لك دسافلا مهليوأت اوناكو ةمئلأا رابك مهلبق الهاق ةملك ماوعلا مامأ نوددري اوحبصأ نيذلا ءاملعلا فاصنأ اهمعزتي تيلا سرادلما نولوقي ام نوفرعي ) :لاجر مهو لاجر ننح( هذه نأ بجعلاو دون أن يعرفوا معنى ذلك ، " المقولة " أصبح
يرددها بعض العوام بإجازة من " شيوخهم " الذين ألهاهم التكاثر !! وما أصدق الحكمة الآتية : " من رأيته مجيبا عن
. ( كل ما سئل ، ومعِبّرا عن كل ما شَِ هدَ ، وذاكرا كل علم فاستدل بذلك على وجود جهله " ( ١
_________
. ١) الحكم العطائية - الحكمة ٦٨ )
مﻧﻬلأ كلذك نكت لم اﻧﻬأ حوضوب انل ينبت ىواتفو فقاومو لاوقأ مهيلإ تبسن ةمئلأ ةينأتلماو ةلماشلا ةساردلا نإحلصلما خيشلا كئلوأ ضعبل اعجرم هلعبج انتمئأ نم ملظ نميف ملظ نممو أسمى من أن يقعوا فيما ينسب إليهم ؛ :
محمد بن عبد الوهاب حتى أصبحت"الوهابية" ( ١) ﺗﻬمة حتى في بعض البلاد الإسلامية بعدما كانت قد خمدت حدﺗﻬا
لبيان حقيقتها . كما عانت بعض الحركات الإسلامية في عنفوان المذهب الاشتراكي ما عانت بما كان ينشر عنها من
دعايات مشينة ونفس الأمر وقع لمصلحين كبار اﺗﻬموا اﺗﻬامات تخرجهم من الملة .
إن الإمام محمد بن عبد الوهاب مثلا كتب إلى بعضهم رسالة يقول له فيها:
_________
« المصطلح » ١) لا يوجد مذهب وهابي لا في العقيدة ولا في الفقه ، وإنما الأمر اختراع تركي سياسي بشحن هذا )
بمفتريات لا صلة لها بالحقيقة ، إن الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - كان على مذهب الإمام ابن حنبل
رحمه الله .
" هلوق يهو إذا تبين هذا فالمسائل التي شنع ﺑﻬا ، منها ما هو من البهتان الظاهر ، : إني مبطل كتب المذاهب . وقوله
:" إني أقول : إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء . وقوله :" إن اختلاف العلماء نقمة . وقوله :" إني أكفر
من توسل بالصالحين . وقوله:" إني أكفر البوصيري لقوله : يا أكرم الخلق . وقوله: " إني أقول لو أقدر على هدم
حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم لهدمتها ، ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزاﺑﻬا وجعلت لها ميزابا من خشب .
وقوله :" إني أنكر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم . وقوله:" إني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهم وإني أكفر من
. ( يحلف بغير الله . فهذه اثنتا عشرة مسألة جوابي فيها أن أقول : { سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } ( ١
_________
١) مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب- القسم الخامس- الرسائل الشخصية ص ٦٤ - نشر جامعة )
الإمام - الرياض .
نود نيدلل وعدت تيلا ةيجراولخا ةعزنلا هذه ملاسلإا نع ةئيس تاعابطنا يطعيو ينملسلما طروي ام رطخأ نم نإ ثيح برغلا رايد في ةيملاسلإا ةفلالخا ةلود ةماقلإ مهضعب ةوعد كلذ نمو زاد كاف أو فقه سليم أو سلوك قويم ،
تستغلها أجهزة الإعلام المغرضة لإفزاع الشعوب الغربية من الإسلام والمسلمين ، وترسيخ ربط الإرهاب بالدين
وبالمسلمين معا على طريقة نظرية " بافلوف الروسي " . ومن المظاهر المؤلمة ما يقوم به بعضهم من فتن داخل
الشعوب الإسلامية الحديثة العهد بالاستقلال عن روسيا .
لذلك يجب تدارس جدي لإنقاذ أنفسنا قبل فوات الأوان .
إن الوسطية الإسلامية يجب أن تتحول إلى مؤسسات فكرية تربوية ذات مناهج علمية محكمة ﺗﻬدف إلى صياغة
المسلم صياغة تحقق التغيير النفسي الداخلي المشروط في القرآن الكريم ليتحقق التغيير الخارجي : { ِإنَّ اللَّهَ َلا يُغَيِّر مَا ِبَقوٍْم حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا ِبَأنفُْسِ ِ هم }{ سُنََّة اللَّهِ الَّتِي َقدْ خََلتْ مِنْ َقبْلُ وََلنْ تَ ِ جدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبدِْيًلا } .
بسح جرالخاو لخادلا طبض نم هيلإ حمطن ام قفو نكل ننح يرغتن نأ بيج اويرغتي نأ نيرخلآا بلاطن نأ لبقوةيماسلا ةعيرشلا دصاقم ةدلالخا اهقئاقحو . ينيلخادلا يريغتلاو يرغتلا ةيلمعل سوفنلا دادعإ يه ةحللما ةمهلما نإ عفاودلا كلت سوفنلا في خسرتت تىح ةراملأا سفنلا تاكرد انزواتج دق نوكن ذئنيحو لصيانة الذات وتحصينها ،
النبيلة والنوازع الخيْرية فتنضبط حركًة نحو الخير وسكونا عن الشر ، وتنصهر حتى تصبح روحا واحدة وجسدا
واحدا في اتجاه البناء الجديد كأن الجميع نفس واحدة ، وإنسان الظالم لنفسه إلى الارتقاء في الشروع في السير خلال
النفس اللوامة التي تمثل المسلم المقتصد حتى نحقق الاستقرار على طريق المسيرة في مدارج النفس المطمئنة أو المسلم
السابق بالخيرات بإذن الله . فكلما توافرت للأمة النسبة العالية للنوع الثالث استطاعت أن تأخذ مكانتها المحترمة
بين أمم العالم ، ولعل هذا ما يعنيه القرآن الكريم والله أعلم بقوله تعالى : { ُثمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ
عِبَادِنَا َفمِنْهُمْ َ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَاِبقٌ ِباْلخَيْرَاتِ ِبِإذْنِ اللَّهِ َ ذلِكَ هُوَ اْلَفضْ ُ ل
الْ َ كِبيرُ } ( ١) . فالنوع الثالث أكرمه الله بتربية عالية تجعل حسناته ترجح سيئاته ، وهو من النوع الذي يقضي
حقوق الآخرين دون أن يقتضي حقوقه ممن هضمه إياها ، فهو إنسان تضحية ونكران الذات ، وهمه أن تكون أمته
قائدة رائدة فلا يحاسبها على ساعة العمل ، فهو يعطي أكثر مما يأخذ . ولا ضير أن يكون بجانبه الإنسان المقتصد
الذي يقوم بواجباته قدر ما يأخذ من حقوقه ( ٢) . ولكن النوع الظالم لنفسه هو المثبط والمتثبط فإن ارتفاع نسبته في
الأمة يؤذن بالتأخر والتخلف وربما بالسقوط . يقول مالك بن نبي - رحمه الله - في كتبه وأحاديثه : " إن الرقي
والتقدم لا يتحقق إلا في مجتمع يتوافر فيه فائض الواجبات " ويضرب مثلا بألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية .
_________
. ١) فاطر : ٣٢ )
٢) لعل القائل هو ابن القيم في مدارج السالكين . )
مهيف رفاوتت نيذلا ةنسلحا ةودقلاو كولسلاو ةيبرتلا لاجر نم هلهأو هيوذ لىإ رملأا دانسإ بيج كلذ ققنح يكلو هيف لمعي يذلا لاﻟﻤﺠا يأ عقاولا ملعو عرشلا ملع هب نيعأو ملعلا شروط ، . والحكمة: وهي الخبرة العميقة التي
تجعله قادرا على التعامل بأحسن الأساليب وأنجح الوسائل وأنسب الآليات وأجمل فنون الاتصال لنقل فكرته
وتفهيمها بوضوح ودقة مع حسن التأثير والتجاوب وتحقيق أحسن النتائج ، بما يضاف إليها من الصفة الحسنة
والجدل بالتي هي أحسن ، ولم توصف الحكمة بأحد الوصفين المذكورين لأﻧﻬا الأحسن في ذاﺗﻬا لا تحتاج إلى وصف
زائد ( ١) . ولعل البصيرة تجمع العلم والحكمة ثم الورع والصلاح ليكون الداعية قدوة مؤثرة بالسلوك والعمل .
_________
٢١٣ ، تحقيق الدكتور وهبة الزحيلي- دار الخير - دمشق- - ١) انظر : طريق الهجرتين لابن القيم: ص ٢١٢ )
بيروت ١٤١٩ ه .
ةينغو ةعونتمو ةيرثكو ةيربك اهجراخو دلابلا لخاد ملاسلإا لىإ ةوعدلا ناديم في ةلماعلاو ةلماعلا ةيرشبلا ةورثلا نإ عم اضيأ نواعتت نأ اهيلعو وفي المستويات اللائقة ، لكن عليها أن تتناسق وتتعاون فيما بينها قبل فوات الأوان ،
الدول الإسلامية وأنظمتها المختلفة ما أمكن لها ذلك وعلى الأقل أن تتجنب الصدام مع أولي الأمر ذلك أن الأمة
كلها مهدَّدَة . فقد ظهر جليا أن كل توتر داخلي يشيع روح السخط والتبرم وسوء الظن خلال اﻟﻤﺠتمع ويجر إلى
عواقب وخيمة قد تمتد إلى البنيات التحتية للإسلام والقواعد الراسخة في الأمة مما يجعلها طعمة سائغة للمؤامرات
الخارجية بما يصيبها من وهن وتمزق . ولقد اعترف قادة من هنا ومن هناك بأن الأفعال من جانب وردودها من
جانب آخر كانت الأمة هي الخاسرة في الأولى والأخيرة ، بل لدينا روايات شفوية مؤكدة أن من الأخطاء الفادحة
التعاو َ ن على تقويض بعض الأنظمة لفسادها أو بدعوى ذلك لما ترتب على تقويضها من فساد أكبر هو الذي
نتجرع مرارته كل لحظة بعد أن كانت الأنظمة الثورية تمني شعوبا بالفردوس وبتطهير البلاد من الصهيونية
وعملائها فإذا ﺑﻬذه الشعوب في قعر الجحيم وسواء السعير تبكي على الماضي الصالح الذي
ف عتمتت ةملأا تناك لصت لم يقلاخأو يعامتجاو يسايسو فياقثو يشيعم ىوتسم في شيعتو يه بكثير من الحقوق ،
في ظل الانقلابات وما بعدها حتى إلى ربعه .
إن وسطية الإسلام يجب أن نمثلها في سلوكنا وأفكارنا وتعاملنا فيما بيننا أولا ثم ننقلها إلى الخارج لا من خلال
الأفكار فقط ولكن من خلال السلوك . ولو استطعنا أن نصل إلى قمم القيم الإسلامية وقمم الحقيقة الإسلامية
واستطعنا أن ننزل إلى هضاب الحضارة الغربية المتعطشة فنرويها بالحقيقة الإسلامية وبالهدى الإسلامي لأضفنا إليها
بعدا جديدا ، " لأن الحضارة العلمانية ، حضارة الصاروخ ، حضارة الإلكترون اكتسبت هذه الأشياء وضيعت
. ( بعدا تشعر بفقدانه وهو بعد السماء " ( ١
_________
١) دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين ص ٣٨ مالك بن نبي - دار الفكر - دمشق - )
١٣٩٨ ه .
I

ليست هناك تعليقات: