السبت، 8 أكتوبر 2011

لا يزال للدين فوارس/سعد بن معاذ/الصحابي الوليد بن الوليد بن المغيرة/


لا يزال للدين فوارس

نعم لا يزال للدين فوارس
يغشون الوغى ويعفون عند المغنم ..

يصاب سعد بن معاذ في الخندق .. فيموت ..
فينزل سبعون ألف ملك من السماء .. يتقدمهم جبريل إلى خاتم الأنبياء ..

فيسرع جبريل إلى النبي عليه الصلاة والسلام ..
فيقول : يا محمد .. من هذا من أصحابك الذي مات فاهتز لموته عرش الرحمن .. وفتحت له أبواب السماء ..

فيقوم النبي عليه الصلاة والسلام مسرعاً .. ينظر من الذي مات .. يتفقد أصحابه ..
أين أبو بكر ؟ عمر ؟ عثمان .. علي .. طلحة ..

فلما خرج فإذا سعد بن معاذ قد مات ..
رجل قد خدم الدين .. وجاهد لرب العالمين ..
فلما مات .. ما فقدته زوجة وولد ودابة ..
وإنما اهتز لموته عرش الرحمن ..
وفقده مسجده ومحرابه .. وسيفه وحرابه ..
بل بكت لموته الأرض والسماء .. وعم الناسَ البكاء ..
لأنه ما عاش لنفسه .. ولا لبيته وفلسه .. وإنما عاش لينصر هذا الدين .. أنفق لأجله ماله .. وفارق داره عياله ..
حتى مات .. فاستبشر أهل السماء بقدومه ..

نعم سعد يموت .. فيهتز لموته عرش الرحمن ..

وحنظلة يموت .. فتغسله ملائكة المنان ..

وعاصم بن ثابت يموت .. فيرسل الله إليه جنداً تحمي جسده ..

أما عبد الله أبو جابر فيموت .. في معركة أحد .. ويترك سبع بنيات أيتام ..

فيقبل إليه ولده جابر .. وقد غطوه بثوب .. فجعل يكشف عن وجهه ويبكي .. فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم ..

فقال : تبكيه أو لا تبكيه .. ما زالت الملائكة تظلله بأجنحتها حتى رفعتموه ..

ثم قال صلى الله عليه وسلم .. يا جابر .. ألا أخبرك .. إن الله كلم أباك كفاحاً ..
فقال : يا عبدي سلني أعطك ..
قال : أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانياً ..
فقال : إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون ..

قال : يا رب فأبلغ من ورائي ..
فأنزل الله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ..

ويقرأ الصالحون من بعده هذه الآيات .. فيشتاقون للقاء إخوانهم في الجنات ..

فيخوضون الطريق إليها غير مبالين بقلة العدد .. وضعف العدة .. وندرة المناصر ..

أنس بن النضر .. في معركة أحد لما قتِّل المسلمون .. وظهر الكافرون .. وأشيع أن النبي عليه الصلاة والسلام قتل .. واضطرب الناس ..

مرّ أنس بن النضر .. بعمر وطلحة ونفر من الصحابة .. قد تجنبوا ساحة القتال .. وألقوا بسلاحهم ..

فقال : ما يجلسكم ؟

قالوا : قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فصاح بهم وقال : فما تظنون بالحياة بعد ؟

قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

ثم رفع بصره إلى السماء وقال : اللهم إني أعتذر إليك مما فعل هؤلاء .. وأبرأ إليك مما يفعل أولئك ..

ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل .. فوجدوه بين القتلى .. في جسده أكثرُ من سبعين ضربة .. قد مزق جسده .. واغبرّ وجهه .. وسالت دماؤه .. وما عرفته إلا أخته .. بعلامة في طرف أصبعه .. 


الصحابي الوليد بن الوليد بن المغيرة

هو الوليد بن الوليد بن المغيرة المخزومي، أخو خالد بن الوليد‏.‏

شهد بدراً مشركاً، فأسره عبد الله بن جحش، وقيل‏:‏ أسره سليك المازني الأنصاري، فقدم في فوائده أخوه خالد وهشام، وكان هشام أخا الوليد لأبيه وأمه، فتمنع عبد الله بن جحش حتى افتكاه بأربعة آلاف درهم، فجعل خالد لا يبلغ ذلك، فقال له هشام‏:‏ ليس بابن أمك ‏!‏ والله لو أبى فيه إلا كذا وكذا لفعلت‏.‏ ويقال‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن جحش‏:‏ لا تقبل في فدائه إلا شكة أبيه الوليد- وكان الشكة‏:‏ درعاً فضفاضة، وسيفاً وبيضةً‏.‏ فأبى ذلك خالد وأجاب هشام، فأقيمت الشكة بمائة دينار، فسلماها إلى عبد الله بن جحش‏.‏ فلما افتدى أسلم، فقيل له‏:‏ هلا أسلمت قبل أن تفتدي ؟ قال‏:‏ كرهت أن تظنوا بي أني جزعت من الإسار‏.‏ فحبسوه بمكة‏.‏

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو له فيمن دعا لهم من المستضعفين المؤمنين بمكة، ثم أفلت من إسارهم ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم عمرة القضية‏.‏ وقيل‏:‏ إن الوليد لما أفلت من مكة وسار على رجليه ماشياً، فطلبوه فلم يدركوه، فنكبت إصبعه، فمات عند بئر أبي عنبة- على ميل من المدينة‏.‏

قال مصعب‏:‏ والصحيح أنه شهد عمرة القضية‏.‏

ولما شهد العمرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج خالد بن الوليد من مكة فاراً، لئلا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للوليد‏:‏ لو أتانا خالد لأكرمناه، وما مثله سقط عليه الإسلام، في عقله‏.‏ فكتب الوليد بذلك إلى خالد، فوقع الإسلام في قلبه، وكان سبب هجرته‏.‏

ولما توفي الوليد قالت أم سلمة تبكيه، وهي ابنة عمه‏:‏ الكامل

يا عين فابكي للوليد بن الوليد بن المـغـيرة ** قد كان غيثاً في السّنين ورحمةً فينا ومـيره

ضخم الدّسيعة ماجداً يسمو إلى طلب الوتيره ** مثل الوليد بن الوليد أبي الوليد كفى العشيرة


أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بإسناده عن عبد الله بن أحمد‏:‏ حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الوليد بن الوليد أنه قال‏:‏ يا رسول الله، إني أجد وحشة في منامي ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إذا اضطجعت للنوم فقل‏:‏ بسم الله، أعوذ بكلمات الله من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون؛ فإنه لا يضرك، وبالحرى أن لا يقربك‏.‏ فقالها، فذهب ذلك عنه‏.‏

أخرجه الثلاثة‏.‏ 

عمرو بن العاص

نسب عمرو بن العاص:
هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم، يُكنى أبا عبد الله، ولد قبل هجرة رسول الله بـ 47 عامًا، ونشأ في ظل والده (العاص بن وائل) معاديًا للإسلام والمسلمين. كان من فرسان قريش وأبطالهم في الجاهلية مذكورًا بذلك فيهم، وكان شاعرًا حسن الشعر.

حال عمرو بن العاص في الجاهلية:
ولعل موقفه من المهاجرين المسلمين إلى الحبشة، حين أرسلته (قريش) لردهم من أبرز مواقفه ضد المسلمين في جاهليته؛ إذ حينما علم كفار مكة بهجرة المسلمين إلى الحبشة، قاموا على الفور بإرسال عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السهمي إلى الحبشة، محمَّلاً بالهدايا إلى النجاشي؛ ليردَّ إليهم المسلمين، فقالا للنجاشي: "أيها الملك، إنه قد صبأ إلى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم؛ فهم أعلى بهم عينًا، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه".

فرفض النجاشي الملك العادل ما طلبوا حتى يسمع من المسلمين ليحكم بينهم، ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله فدعاهم، فقال: "ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم؟" فكان الذي كلَّمه جعفر بن أبي طالب t، فقال له: "أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحِّده ونعبده ونخلع ما كنا نحن نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام فصدقناه وآمنَّا به واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وشقُّوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا؛ خرجنا إلى بلدك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك، أيها الملك".

فقال له النجاشي: "هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟" فقال له جعفر: نعم. فقال له النجاشي: "فاقرأه عليَّ". فقرأ عليه صدرًا من (كهيعص)، فبكى النجاشي حتى أَخْضَلَ لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم. ثم قال النجاشي: "إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبدًا، ولا أكاد".

فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص: "والله لأنبئنَّه غدًا عيبهم عندهم، ثم أستأصل به خضراءهم؛ والله لأخبرنَّه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد". ثم غدا عليه الغد، فقال له: "أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيمًا، فأرسل إليهم فاسألهم عما يقولون فيه". فأرسل إليهم يسألهم عنه، فقال له جعفر بن أبي طالب t: "نقول فيه الذي جاء به نبينا: هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول". فضرب النجاشي يده إلى الأرض فأخذ منها عودًا، ثم قال: "ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود". فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال، فقال: "وإن نخرتم والله، اذهبوا فأنتم سيوم[1] بأرضي، من سبَّكم غُرِّم، ثم من سبكم غرم، فما أحب أن لي دبرًا[2] ذهبًا، وأني آذيت رجلاً منكم، ردوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لنا بها، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين ردَّ عليَّ ملكي فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس فيَّ فأطيعهم فيه". فخرجا من عنده مقبوحين مردودًا عليهما ما جاءا به، وأقام عنده المسلمون بخير دار مع خير جار.

قصة إسلام عمرو بن العاص:
أسلم t في العام الثامن للهجرة، وقد تجاوز الخمسين من عمره. ولما أسلم كان النبي يقرِّبه ويدنيه لمعرفته وشجاعته، وولاَّه غزوة ذات السلاسل، وأمده بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح، ثم استعمله على عُمَان فمات وهو أميرها، ثم كان من أمراء الأجناد في الجهاد بالشام في زمن عمر، وهو الذي افتتح قِنَّسْرِين، وصالح أهل حلب ومَنْبِج وأنطاكية، وولاّه عمر فلسطين.

تواضع عمرو بن العاص:
قال رجل لعمرو بن العاص t: أرأيت رجلاً مات رسول الله وهو يحبه، أليس رجلاً صالحًا؟ قال: بلى. قال: قد مات رسول الله وهو يحبك، وقد استعملك. فقال: قد استعملني، فوالله ما أدري أحبًّا كان لي منه أو استعانة بي، ولكن سأحدثك برجلين مات رسول الله وهو يحبهما: عبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر رضي الله عنهما.

من مواقف عمرو بن العاص مع النبي :
عن موسى بن علي، عن أبيه قال: سمعت عمرو بن العاص t يقول: قال رسول الله: "يا عمرو، اشدد عليك سلاحك وثيابك". قال: ففعلت، ثم أتيته فوجدته يتوضأ، فرفع رأسه فصعَّد فيَّ النظر وصوّبه، قال: "يا عمرو، إني أريد أن أبعثك وجهًا فيسلمك الله ويغنمك، وأَزْعَبُ لك من المال زَعْبَةً صالحة[3]". قال: قلت: يا رسول الله، لم أسلم رغبةً في المال، إنما أسلمتُ رغبة في الجهاد والكينونة معك. قال: "يا عمرو، نِعِمَّا بالمال الصالح للرجل الصالح".

من مواقف عمرو بن العاص مع الصحابة:

مع عثمان t:
وعن علقمة بن وقاص أن عمرو بن العاص t قام إلى عثمان t وهو يخطب الناس فقال: يا عثمان، إنك قد ركبت بالناس المهامة وركبوها منك، فتب إلى الله وليتوبوا. قال: فالتفت إليه عثمان t فقال: وإنَّك لهُنَاكَ يابن النابغة. ثم رفع يديه واستقبل القبلة وقال: أتوب إلى الله، اللهم إني أول تائب إليك.

ومن تربية عمرو بن العاص لابنه:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص t قال: زوجني أبي امرأة من قريش، فلما دخلت عليَّ جعلت لا أنحاش[4] لها مما بي من القوة على العبادة من الصوم والصلاة، فجاء عمرو بن العاص إلى كِنَّتِه حتى دخل عليها، فقال لها: كيف وجدت بعلك؟ قالت: خير الرجال أو كخير البعولة من رجل، لم يفتش لنا كنفًا، ولم يعرف لنا فراشًا. فأقبل عليَّ وعضني بلسانه، فقال: أنكحتك امرأة من قريش ذات حسب فعضلتها وفعلت وفعلت. ثم انطلق إلى النبي فشكاني، فأرسل إليَّ النبي فأتيته، فقال لي: "أتصوم النهار؟" قلت: نعم. قال: "وتقوم الليل؟" قلت: نعم. قال: "لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأمسُّ النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".

من أحاديث عمرو بن العاص عن النبي :
عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص t، عن عمرو بن العاص t أنه سمع رسول الله يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر".

وعن سعيد بن المسيب، حدثني عمرو بن العاص t أنه سمع رسول الله يقول: "كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا ما كان من يحيى بن زكريا". قال: ثم دلَّى رسول الله يده إلى الأرض فأخذ عودًا صغيرًا، ثم قال: "وذلك أنه لم يكن له ما للرجال إلا مثل هذا العود؛ ولذلك سماه الله سيدًا وحصورًا ونبيًّا من الصالحين".

من مناقب عمرو بن العاص:
قال رسول الله: "أسلم الناس، وآمن عمرو بن العاص".

وفاة عمرو بن العاص:
لما حضرته الوفاة قال: اللهم إنك أمرتني فلم أأتمر، وزجرتني فلم أنزجر. ووضع يده في موضع الغل وقال: اللهم لا قوي فأنتصر، ولا بريء فأعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا إله إلا أنت. فلم يزل يردِّدها حتى مات.

مات عمرو بن العاص يوم الفطر، وقد بلغ أربعًا وتسعين سنة، وصلى عليه ابنه عبد الله، ودُفن بالمقطم في سنة ثلاث وأربعين، ثم استعمل معاوية على مصر وأعمالها أخاه عتبة بن أبي سفيان.

ليست هناك تعليقات: