الأحد، 9 أكتوبر 2011

أسرار خطيرة عن حرب أكتوبر.. مبارك المسئول عن دخول سعد الشاذلي السجن



سعد الدين الشاذلي
البوم الصور و الفيديو























فى حياة مصر الكثير من الرجال الذين ضحوا من أجلها وبذلوا فى سبيلها كل ما هو غال ونفيس حتى انطبق عليهم بيت الشعر الذى يقول: الناس صنفان.. موتى على قيد الحياة وآخرون ببطن الأرض أحياء للشاعر أحمد شوقى حتى أصبح هؤلاء الأبطال فى قلوبنا جميعا فكل منهم خدم البلد على طريقته ومن وجهة نظره.

فعبد الناصر خدمها من خلال قوميته العربية والسادات رأى فى السياسة والدهاء السبيل لتحريرها وسعد الدين الشاذلى بتخطيطه وحرفيته فى قيادة المعركة. 

على الرغم من ذلك راحت بعض الأقلام تبحث وراءهم عن أى خلاف أو مشكلة حدثت بينهم ونسوا أنهم خدموا مصر واستردوها معا وسيكرمهم التاريخ طالما ذكرهم.

التقينا العميد أسامة الصادق بطل مفرزة أمن الفرقة 18 مشاة فى حرب أكتوبر وهو شاهد عيان على الأحداث أخرجناه عن صمته الذى دام لأكثر من ثلاثين عاما حتى لا يحنث بوعده للفريق محمد صادق وزير الدفاع فى الفترة الى تسبق المشير أحمد اسماعيل وحكى لنا عن أسرار العلاقة الحقيقية بين الرئيس السادات بطل أكتوبر و الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس أركان الجيش المصرى فى نصر 73 والرئيس السابق محمد حسنى مبارك.

بدأ معى العميد أسامة الصادق كلامه قائلا: الموضوع الذى سأدلى به فى منتهى الخطورة فهو يعبر عن القومية المصرية الصادقة ويضع حدا للكثير من الجدل القائم حوله.

ترجع الأحداث إلى عام 1980 عندما ذهبت لاستخراج رخصة لسيارتى فقابلت الفريق محمد صادق بملابسه المدنية وبمجرد أن رأيته قدمت له التحية العسكرية ووقتها كنت برتبة مقدم.

والحقيقة أن الفريق صادق كان بالنسبة لى معلما كبيرا ففى الوقت الذى كنت فيه طالبا بالكلية الحربية كان هو كبير المعلمين.

فقال لى: يا صادق أنا أريدك فى شىء مهم دعنا نتقابل فى مطار أنشاص حيث إنه كان قريبا من منزلى بالشرقية وهناك حكى لى أمرا هاما وهذا الأمر يخص الثغرة وهذا الأمر لا يعرفه إلا عدد قليل من الضباط وهو أن السادات وقت الثغرة عندما اشتد الحصار على الجيش الثالث أرسل رسالة إلى بدو سيناء مع أحد ضباط المخابرات الحربية يقول فيها: جيش مصر محاصر عندكم.

فما كان منهم إلا أن قاموا بتهريب المؤن والطعام والشراب حتى تجار المخدرات وتجار الأسلحة كان لهم دور مهم فى هذا الأمر حيث إنهم يعلمون جيدا مداخل ومخارج سيناء مما سهل مهمة توصيل المؤن للجيش فى وقت أسرع فأدى ذلك إلى رفع الروح المعنوية للجيش الثالث وسهل المشكلة على السادات حيث كانت إسرائيل تحاول إطالة مدة التفاوض مع مصر حتى تضيق الخناق على الجيش، وهنا تضغط أمريكا وتضع شروطها على السادات، لكن هذه الحركة أفسدت عليهم الفرصة.

وبعد أن حكى لى هذه القصة تطرقنا إلى موضوع آخر وهو السادات.

فقال لى : السادات بطل مصرى فى منتهى الذكاء وكان عاطفيا بدرجة كبيرة، لدرجة أنه كان يأخذ كشف المفقودين ويدخل غرفة منفردة ويبكى عليهم، وكان يخاف على الجنود أكثر من الأسلحة والطائرات بالرغم من أنها كانت صعبة المنال، وكان الاتحاد السوفيتى يمدنا بها بصعوبة بالغة.

وتطرقت معه فى الحديث إلى الظروف والملابسات التى أقيل فيها الفريق سعد الدين الشاذلى - رئيس أركان القوات المسلحة فى حرب أكتوبر وهنا صمت الفريق صادق طويلا ثم قال : سأخبرك بأشياء لا يعرفها أحد، لكن أوعدنى بأنك لن تفضى بها لأى شخص حتى بعد موتى، فوافقت.

فقال : أنت تعلم أن الفريق سعد الدين الشاذلى كان يريد تصفية الثغرة عسكريا، لأنه كان يعلم أن القوات الإسرائيلية كلها وعددهم 180 ألفا متجمعون فى هذه المنطقة، وأن الجيش المصرى يطوقهم كالكماشة، لكن الرئيس السادات كان يريد أن يمسك العصا من منتصفها.

وفى هذه الأثناء اتصل الأمريكان بالسادات، وأخبروه أنهم سيرسلون له مبعوثا باسمهم، وكان هنرى كيسينجر الذى جاء ليقابل السادات.

وبالفعل قابل كيسينجر السادات، فقال له : لو فكرتم فى تصفية الثغرة عسكريا، فأنتم بذلك تحاربون أمريكا ونحن على علم بأن هناك مشاكل بينك وبين رئيس أركان جيشك.

فرد عليه السادات بمنتهى الذكاء وقال : الحقيقة أن سعد الدين يريد غلق منفذ الهروب الوحيد أمام الإسرائيليين حتى يقضى عليهم بأكملهم.

وفى نفس الوقت أنا أقول له : لو فعلت ذلك يا سعد ستحدث مجزرة، فهم 180 ألف جندى، ونحن 250 ألفا ولا نريد أن تحدث هذه المجزرة، فما رأيك فى أن تترك لهم منفذ هروب، لكن الشاذلى مصمم على رأيه معللا بأن الإسرائيليين فى حرب 67 لم يعطوا للمصريين أى منفذ هروب، كما أن الشاذلى كان يعرف أن هؤلاء الـ (180) ألف جندى هم احتياطى إسرائيل من الجنود، وليس عندهم ضباط آخرين.

وهنا خاف كيسينجر وفكر قليلا ثم قال للسادات : وما رأيك فى أن أضغط على إسرائيل وأسحب جنودهم من الغرب ؟! فقال السادات : هذا أفضل، فأنا لا أريد أن أخسر أى جندى من أولادى.

وبعد عدة أيام رجع كيسينجر وأخبر السادات بأن إسرائيل وافقت لكنها فى الحقيقة متخوفة كثيرا من سعد الدين الشاذلى لأنه قتل الكثير من الأسرى الإسرائيليين، وتخاف من أن يكرر هذا.

فذهب السادات للشاذلى، وقال له : ما رأيك فى هذا الخيار ؟! فأنا أرى أن هذا الحل أفضل، ومادمنا سنسترد أرضنا كاملة وفى نفس الوقت سنحافظ على جنودنا، فلا داعى لاستخدام الحرب، لكن الشاذلى أصر على موقفه.

ولهذا السبب تمت إقالة الشاذلى وهنا سأل العميد أسامة الفريق صادق، وما العمل الآن، والفريق الشاذلى فى السجن ؟

فقال له : مبارك هو المسئول عن دخول الشاذلى السجن، فقال له العميد أسامة : ولماذا لا نقول ذلك الآن ؟ فرد عليه : هذا طلب الشاذلى نفسه.

وهنا توقف العميد أسامة الصادق عن الحديث لبرهة، وكأنه يستعيد شريط الذكريات ثم عاد ليقول : كنت أريد أن أحكى هذا الأمر منذ فترة طويلة حتى يشهد التاريخ على أن السادات والشاذلى بطلان مصريان حقيقيان، وأن اختلافهما جاء من أجل مصلحة مصر، فكل منهما كان يريد صالح مصر لكن من وجهة نظره، وهما لم يختلفا أبدا من أجل مصالح شخصية أو فرض سيطرة كما يقول البعض.

ومرت الأيام وجاء عام 2009، واتصلت بالفريق الشاذلى بعد خروجه من السجن، وقلت له : يا فندم أريد أن أراك وأعطى لك نسخة من كتابى الناس والحرب، فسألنى : هل أخذت موافقة المخابرات ؟ فقلت له : يتم التصديق عليه، فقال لى : خلى بالك عشان حاكم البلد مؤذى وممكن يؤذيك، فقصصت عليه ما رواه لى الفريق صادق الذى توفاه الله، ثم استأذنته فى أن أحكى ما حدث معه، فرفض وقال لى : لقد طلب منك صادق ألا تقصه على أحد، فلابد أن تفى بوعدك له خاصة بعدما توفى، أما بالنسبة لى : فلا مانع من أن تحكى هذا لكن بشرط.. بعد أن أموت، فوافقت. وبعد أن توفى الفريق الشاذلى، كنت سأخبر الجميع لكنى فضلت أن أقوله فى ذكرى أكتوبر.

ليست هناك تعليقات: