السبت، 24 سبتمبر 2011

الحلقة (15) أسامة الباز معلم مبارك السياسى الذى غدر به ابن الرئيس




9/12/2011   7:03 PM
أسامة الباز معلم مبارك السياسى الذى غدر به ابن الرئيس

كان الموقف دالاً وكافيًا لتعرف من هو الرجل
 
الأسم: د. أسامة الباز
 
تاريخ الميلاد: 1931
 
 المؤهل: ليسانس حقوق وحاصل على الدكتوراة فى القانون
 
 شارك فى مفاوضات كامب ديفيد
 
المستشار السياسى للرئيس المخلوع
 
لا ينتمى لأى حزب أو جماعة
 
فى الثمانينيات كنت صحفيا صغيرا، جمعتنى رحلة عمل مع اثنين من الدبلوماسيين فى مؤتمر بإحدى الدول الإفريقية، فى المطار سرقت حقائبنا، ووجدنا السفير المصرى فى هذه الدولة يقول لنا ببساطة: متأسف الشنط بتاعتكم بتتباع دلوقتى فى سوق الحرامية.
 
لم يكن أمامنا إلا أن نشترى ملابس جديدة، وبالفعل اشترى الدكتور أسامة الباز بـ100 دولار.. واشتريت أنا بـ50 دولارًا.. أما الدكتور بطرس غالى فقد اشترى بـ1500 دولار كاملة.. فقال له أسامة الباز: «تستاهل إنت جى تستعرض.. كان كفاية عليك قميص وبدلة».
 
كان هذا مؤشرا على أننى أمام شخصية متواضعة دون أن تدعي.. ومن بين ما جرى أن أول حوار أجراه الدكتور أسامة الباز فى الصحافة كان معي.. ونشرته فى مجلة «روزاليوسف».. وقتها كنت فى منظمة الشباب وجرت تغييرات فى المكتب السياسى للمنظمة.. ووقتها كان مسئولا عن العلاقات الخارجية.. وقد عرفته وعاصرته خلال ثلاثة عقود عمل فيها فى مطبخ السياسة المصرية وبالقرب من رأس الدولة مباشرة.
 
جذب أسامة الباز الأضواء إلى اسمه وشخصيته بسبب مشاركته مع الرئيس السادات فى مفاوضات كامب ديفيد بأمريكا.
 
ومن نوادر من يحكى عما جرى فى كامب ديفيد أن المشاركين فى المفاوضات كانوا يخافون على السادات من ضغوط أسامة الباز، ووصل الأمر إلى أن اعتقدوا ذات مرة أن السادات مات بالفعل من ضغوط أسامة، وذهبوا إلى مكان إقامته ليطمئنوا عليه.
 
لم تكن الأضواء فقط هى التى أتت لأسامة الباز بعد مفاوضات كامب ديفيد، ولكنه عاد منها وهو المستشار السياسى للرئيس السادات.. وهو المنصب الذى لازمه بعد ذلك فى عهد الرئيس مبارك.. وهو كذلك المفتاح الذى يمكن أن نفتح به أسرار العلاقة بينهما.
 
كان أسامة الباز، وبدون مبالغة، المعلم السياسى المباشر لمبارك، ومؤكد أنه يسأل نفسه الآن: كيف فشلت فى تعليم هذا الرجل؟.
 
عرف أسامة الباز عن مبارك من البداية أنه عنيد جدا، وأنه لا يقرأ.. وكل قراراته التى يأخذها تعتمد على السماع لا على الدراسة.. ولا يمكن لأى حاكم مهما كانت قدراته أن يأخذ قرارا على السمع، ولذلك كان أسامة الباز كثيرا ما يتصل بمبارك ويقول له: «كلامك مش مضبوط وكان لابد أن يعرض بالطريقة الفلانية».. كان يتعامل معه طوال الوقت بمنطق المعلم.
 
وأذكر أننى عندما فجرت «فضيحة على النيل».. وهى الحملة الصحفية التى كشفت وجوها مصرية وسعودية على هامش فضيحة أخلاقية، وجدتنى أتعرض لضغوط هائلة وتهديدات بخطف بناتي، وشتائم تحاصرنى من كل مكان.. طلبت وزير الداخلية وقتها حسن الألفي.. فلم يقدم لى شيئا.. طلبت من الجنزورى أن يتدخل لإيقاف هذه المهزلة.. وكأننى لم أقل شيئا وكأنه لم يكن مسئولا.. بل بالعكس زادت التهديدات والشتائم.
 
وكان الحل أن أمارس التصعيد.. أن أصدر كتابا عن القضية رغم أنها لم تنته بعد.. والتهديدات أصبحت سعودية وسافرة من عبد العزيز الإبراهيمى الذى كان يملك فندق الميريديان وتزوج من الفنانة شيرين سيف النصر.. وكانا بطلى القصة من بدايتها.
 
نشرت الكتاب.. وبعد يومين فقط وجدت اثنين يتصلان بى لمقابلة أسامة الباز.. كانت هذه أول مرة يطلب أن نتقابل.. وكان أول ما قاله وبشكل صارم وكأنه لم تكن هناك معرفة أو ود سابق بينى وبينه: «الرئيس مبارك هيرفع عليك قضية إهانة رئيس دولة صديقة».
 
قلت له: «لو فعلها فسوف يوفر عليّ مجهودا كبيرا وسأدخل التاريخ لأننى سأكون أول صحفى يرفع عليه رئيس الجمهورية قضية بسبب رأيه».
 
كنت أشعر بأن مبارك يتابع لقائى بالباز عبر الكاميرا.. وقلت له: يا دكتور إنت علمتنا المفاوضات.. أنا عملت الكتاب علشان أتفاوض معاكم.. الـ27 قضية اللى رفعتها شيرين سيف النصر تتنازل عنها.. وأطلب حمايتى وحماية أسرتى بشكل شخصي.. وخصوصا أن رئيس مباحث العاصمة قبض على شاب من أمام بيتى ومعه مية نار وقال لى إنه يستهدفنى ويستهدف أسرتي».
 
رد الباز على الفور: «كفاية كده».
 
قلت له: «لو لم تتم الاستجابة لطلباتى هاعمل مؤتمر صحفى وأكشف فيه كل حاجة حدثت معي».. وانتهت المقابلة، وبعد ثلاث ساعات فقط وجدته يتصل بى ويقول لي: «موافقين ونعدك بحمايتك أنت وأسرتك».
 
الغريب أن هذا الرجل الأسطورى بالفعل كان راتبه فى رئاسة الجمهورية 400 جنيه.. وآخر تجديد له وصل الراتب إلى 600 جنيه فقط.. لكن هذا لم يمثل مشكلة فى حياته، فلم يكن يحب المال ولا الجاه.. لم يستخدم صالة كبار الزوار فى المطار.. رغم أنه كان من هؤلاء الكبار.. بل كان أكبرهم شأنا ومقاما.
 

ليست هناك تعليقات: